مشاركة واس

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين - أهلا وسهلا ومرحبا زائرنا الكريم .

احدث الموضوعات

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014



الاستغفار فضائله وفوائده
إعداد/ د: أحمد عرفة
معيد بجامعة الأزهر

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:

قال أبو موسى رضي الله عنه : كان لنا أمانان، ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا، وبقي الاستغفار معنا، فإذا ذهب هلكنا.
كثير من الناس فى هذه الأيام التى نعيشها يبحث عن أمن وأمان له من هذه الفتن والمحن والابتلاءات التى نعيشها , ومن أعظم وسائل الأمن الاستغفار ، فبالاستغفار تغفر الخطايا والذنوب ، وبالاستغفار تكون البركة فى الأرزاق .
فتعالوا بنا فى هذه المقالة المتواضعة نتعرف على فضائل الاستغفار فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة , وحال السلف الصالح رضوان الله عليهم مع هذه العبادة العظيمة.

أولاً: الاستغفار فى القرآن الكريم:
إن المتأمل والمتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أن المولى سبحانه وتعالى قد بين لنا فضل ومكانة الاستغفار فى مواضع كثيرة من كتابه العزيز ومنها:

1-  أن الله عز وجل أمر عباده بالاستغفار :
من فضائل الاستغفار أن الله عز وجل أمر عباده به فى آيات كثيرة من القرآن الكريم ومنها:
قوله تعالى :{ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  }([1]) ، وقوله تعالى :{ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ }([2]).
{وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} أمرهم بالاستغفار في مواطن مظنة القبول ، وأماكن الرحمة ، وهو طلب الغفران من الله باللسان مع التوبة بالقلب ، إذ الاستغفار باللسان دون التوبة بالقلب غير نافع ، وأمروا بالاستغفار ، وإن كان فيهم من لم يذنب ، كمن بلغ قبيل الإحرام ولم يقارف ذنباً وأحرم ، فيكون الاستغفار من مثل هذا لأجل أنه ربما صدر منه تقصير في أداء الواجبات والاحتراز من المحظورات ، وظاهر هذا الأمر أنه ليس طلب غفران من ذنب خاص ، بل طلب غفران الذنوب ، وقيل : إنه أمر بطلب غفران خاص ، والتقدير : واستغفروا الله مما كان من مخالفتكم في الوقوف والإفاضة ، فإنه غفور لكم ، رحيم فيما فرطتم فيه في حلكم وإحرامكم ، وفي سفركم ومقامكم. وفي الأمر بالاستغفار عقب الإفاضة ، أو معها ، دليل على أن ذلك الوقت ، وذلك المكان المفاض منه ، والمذهوب إليه من أزمان الإجابة وأماكنها ، والرحمة والمغفرة([3]).

2-  أن الله عز وجل مدح أهله :
ومن فضائل الاستغفار أن الله عز وجل مدح أهله وأثنى عليهم فى مواضع كثيرة من كتابه العزيز ومنها:
قوله تعالى: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}([4]).

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
قوله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} دَلّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار، وقد قيل: أن يعقوب عليه السلام، لما قال لبنيه {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} إنه أخرهم إلى وقت السحر([5]).
وقال تعالى :{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }([6]).
{ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وصفهم بأنهم يحيون جُل الليل متهجدين ، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار من رؤية أعمالهم. والسَحر : السدس الأخير من الليل ، وفي بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يُوصفوا بالاستغفار ، كأنهم المختصون به ، لاستدامتهم له ، وإطنابهم فيه([7]).
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة.
وقال سفيان الثوري رحمه الله : بلغني أنه إذا كان أول الليل نادى مناد ليقيم القانتون فيقومون كذلك يصلون إلى السحر فإذا كان عند السحر نادى مناد : أين المستغفرون فيستغفر أولئك ويقوم آخرون فيصلون فيلحقون بهم فإذا طلع الفجر نادى مناد : ألا ليقم الغافلون فيقومون من فرشهم كالموتى نشروا من قبورهم([8]).

3- أن الاستغفار من صفات المتقين :
ومن فضائل الاستغفار أنه من صفات المتقين كما أخبر سبحانه وتعالى فى قوله جل وعلا: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}([9]).

قال الإمام القرطبي رحمه الله:
قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان ، لا التلفظ باللسان. فأما من قال بلسانه : أستغفر الله ، وقلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار ، وصغيرته لاحقة بالكبائر. وروي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

ثم قال الإمام القرطبي رحمه الله :
هذا يقوله في زمانه ، فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبا على الظلم ! حريصا عليه لا يقلع ، والسُّبْحة في يده زاعما أنه يستغفر الله من ذنبه وذلك استهزاء منه واستخفاف. وفي التنزيل {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}([10])([11]).

4-أن الله عز وجل يغفر لمن استغفر:
 ومن فضائل الاستغفار أن الله عز وجل يغفر لمن استغفره قال تعالى:{ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا }([12]).

5- الاستغفار يجلب الخيرات والبركات ويدفع البلاء:
ومن فضائل الاستغفار أنه يجلب الخيرات والبركات للعبد ويدفع عنه البلاء يقول الله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) }([13]).
" أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها ، وفي هذا دلالة على عظم فوائد الاستغفار وكثرة خيراته وتعدد ثمراته.
وهذه الثمرات المذكورة هنا هي مما يناله العبد في دنياه من الخيرات العميمة والعطايا الكريمة والثمرات المتنوعة، وأما ما يناله المستغفرون يوم القيامة من الثواب الجزيل والأجر العظيم والرحمة والمغفرة والعتق من النار والسلامة من العذاب، فأمر لا يحصيه إلا الله تعالى([14]).

قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا } أي: ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب، فإنه من تاب إليه تاب عليه، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشرك , ولهذا قال: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا } أي: متواصلة الأمطار. ولهذا تستحب قراءة هذه السورة في صلاة الاستسقاء لأجل هذه الآية. وهكذا روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: أنه صعد المنبر ليستسقي، فلم يزد على الاستغفار، وقرأ الآيات في الاستغفار.
وقوله: { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وَأَدَرَّ لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها.
هذا مقام الدعوة بالترغيب, ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب فقال: { مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } أي: عظمة قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقال ابن عباس: لا تعظمون الله حق عظمته، أي: لا تخافون من بأسه ونقمته.
{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } قيل: معناه من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. قاله ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، ويحيى بن رافع، والسدي، وابن زيد([15]).

6-الاستغفار من موجبات رحمته سبحانه وتعالى:
ومن فضائل الاستغفار أنه من موجبات رحمته تعالى، قال جل وعلا:{ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}([16]).

7- الاستغفار من مبعدات العذاب :
 وهو أيضا من مبعدات عذابه، أليس هو القائل: { وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}([17]).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك, فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: قد, قد, ويقولون: اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك, تملكه وما ملك. ويقولون غفرانك غفرانك فأنزل الله {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان فيهم أمانان النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار([18]).

8- الاستغفار يجلب القوة والخير:
ومن فضائل الاستغفار أنه من الوسائل الجالبة للخير العميم والمتاع الحسن خاصة عند اقترانه بالتوبة، يقول اللّه تبارك وتعالى: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}([19]).

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله :
قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}، هذه الآية الكريمة تدل على أن الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب سبب لأن يمتع الله من فعل ذلك متاعاً حسناً إلى أجل مسمى؛ لأنه رتب ذلك على الاستغفار والتوبة ترتيب الجزاء على شرطه.
والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن: سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا، وأن المراد بالأجل المسمى: الموت، ويدل لذلك قوله تعالى في هذه السورة الكريمة عن نبيه هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [11/52]، وقوله تعالى عن "نوح": {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [71/10-12]، وقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} الآية[16/97]، وقوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} الآية [7/96]، وقوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ والإنجيل وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [5/66]، وقوله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [65/2، 3]، إلى غير ذلك من الآيات([20]).

9- الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين
ومن فضائل الاستغفار أنه من سنة الأنبياء والمرسلين، وطريق ووسيلة الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون.

نبي الله آدم عليه السلام :
فكان مما قالا: { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }([21]).

نبي الله نوح عليه السلام:
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا}([22]).
وقال: { وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ}([23]).

نبي الله موسى عليه السلام:
 قال موسى عليه السلام لما قتل رجلاً من الأقباط: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}([24]).

نبي الله شعيب عليه السلام:
 قال شعيب عليه السلام لقومه: { وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}([25]).

نبي الله صالح عليه السلام:
وقال سيدنا صالح لقومه بعد أن أمرهم بعبادة الله: { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}([26]).

ثانياً: الاستغفار فى السنة النبوية :
وردت أحاديث كثيرة فى السنة النبوية المطهرة يبين لنا فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم فضل الاستغفار وأنه صلوات الله عليه وسلامه كان دائم التوبة والاستغفار مع أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومنها:
عن الأغر المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« إنه ليغان على قلبى وإنى لأستغفر الله فى اليوم مائة مرة »([27]).

قال الإمام النووي رحمه الله:
قوله صلى الله عليه و سلم: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) قال أهل اللغة: الغين بالغين المعجمة والغيم بمعنى والمراد هنا ما يتغشى القلب قال القاضي قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذى كان شأنه الدوام عليه فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا واستغفر منه قال وقيل هو همه بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم وقيل سببه اشتغاله بالنظر فى مصالح أمته وأمورهم ومحاربة العدو ومداراته وتأليف المؤلفة ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه فيراه ذنبا بالنسبة إلى عظيم منزلته وان كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهي نزول عن عالى درجته ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه فيستغفر لذلك وقيل يحتمل أن هذا الغين هو السكينة التي تغشى قلبه لقوله تعالى فانزل السكينة عليهم ويكون استغفاره إظهارا للعبودية والإفتقار وملازمة الخشوع وشكراً لما أولاه([28]).
وعن الزهري قال أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة »([29]).
وعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب »([30]).
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا([31]).
وعن عكرمة رضى الله عنه قال : قال أبو هريرة رضى الله عنه: إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة ، وذلك على قدر ديتي "([32]).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة »([33]).
وعن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أحب أن تسره صحيفته ; فليكثر فيها من الاستغفار "([34]).
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة "([35]).
وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: « أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى ، فقال تبارك وتعالى: عبدى أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب فقال أى رب اغفر لى ذنبى. فقال تبارك وتعالى أذنب عبدى ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب واعمل ما شئت فقد غفرت لك »([36]).

ثالثاً: من آثار السلف فى الاستغفار :

قال قتادة رحمه الله : "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم ، فأما داؤكم : فالذنوب ، وأما دواؤكم : فالاستغفار ".

وعن الحسن البصري قال: " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم ، وعلى موائدكم ، وفي طرقكم ، وفي أسواقكم ، وفي مجالسكم ، أينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.

وعن أبي المنهال قال : " ما جاور عبد في قبره من جار خير من استغفار كثير.

وقال أبو عبد الله الوراق: لو كان عليك مثل عدد القطر وزبد البحر ذنوبا لمحيت عنك إذا دعوت ربك بهذا الدعاء مخلصا إن شاء الله تعالى اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه وأستغفرك من كل ما وعدتك به من نفسي ولم أوف لك به وأستغفرك من كل عمل أرد به وجهك فخالطه غيرك وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أتيته في ضياء النهار وسواد الليل في ملأ أو خلاء وسر وعلانية يا حليم([37]).

رابعاً : أنواع الاستغفار:
إن المتأمل فى السنة النبوية المطهرة يجد أن للاستغفار صيغاً كثيرة منها:
أن يبدأ العبد بالثناء على ربه ، ثم يثني بالاعتراف بذنبه ، ثم يسأل الله المغفرة، فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي ، وأنا عبدك ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، وأبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء لك بذنوبي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت([38]).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
 " فتضمن هذا الاستغفار الاعتراف من العبد بربوبية الله وإلهيته وتوحيده، والاعتراف بأنه خالقه، العالم به؛ إذ أنشأه نشأة تستلزم عجزه عن أداء حقه وتقصيره فيه، والاعتراف بأنه عبده الذي ناصيته بيده وفي قبضته، لا مهرب له منه، ولا ولي له سواه، ثم التزام الدخول تحت عهده ـ وهو أمره ونهيه ـ الذي عهده إليه على لسان رسوله، وأن ذلك بحسب استطاعتي، لا بحسب أداء حقك، فإنه غير مقدور للبشر، وإنما هو جهد المقل، وقدر الطاقة، ومع ذلك فأنا مصدق بوعدك الذي وعدته لأهل طاعتك بالثواب، ولأهل معصيتك بالعقاب، فأنا مقيم على عهدك مصدق بوعدك، ثم أفزع إلى الاستعاذة والاعتصام بك من شر ما فرطت فيه من أمرك ونهيك، فإنك إن لم تعذني من شره، وإلا أحاطت بي الهلكة، فإن إضاعة حقك سبب الهلاك، وأنا أقر لك وألتزم بنعمتك علي، وأقر وألتزم وأنجع بذنبي، فمنك النعمة والإحسان والفضل، ومني الذنب والإساءة، فأسألك أن تغفر لي بمحو ذنبي، وأن تعفيني من شره، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فلهذا كان هذا الدعاء سيد الاستغفار "([39]).

ومنها:
ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ؛ أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : علمني دعاء أدعو به في صلاتي ، قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني ، إنك أنت الغفور الرحيم([40]).

ومنها:
قوله صلى الله عليه وسلم :" أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ".
 عن زيد مولى النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: « من قال أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف »([41]).
وفي هذا الحديث دلالة على أن الاستغفار يمحو الذنوب سواء كانت كبائر أو صغائر، فإن الفرار من الزحف من الكبائر.
لكن مما ينبغي أن يعلم هنا أن المراد بالاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار، فهو حينئذ يعد توبة نصوحا تجب ما قبلها، أما إن قال المرء بلسانه: أستغفر الله، وهو غير مقلع عن ذنب، فهو داع لله بالمغفرة، كما يقول: اللهم اغفر لي، وهذا طلب من الله المغفرة ودعاء بها، فيكون حكمه حكم سائر الدعاء لله، ويرجى له الإجابة.

وقد ذكر أهل العلم أن القائل: أستغفر الله وأتوب إليه له حالتان:
الأولى: أن يقول ذلك وهو مصر بقلبه على الذنب، فهذا كاذب في قوله: وأتوب إليه؛ لأنه غير تائب، فإن التوبة لا تكون مع الإصرار من العبد على الذنب.
والحالة الثانية : أن يقول ذلك وهو مقلع بقلبه وعزمه ونيته عن المعصية، وجمهور أهل العلم على جواز قول التائب: أتوب إلى الله، وعلى جواز أن يعاهد العبد ربه على أن لا يعود إلى المعصية أبدا، فإن العزم على ذلك واجب عليه، فهو مخبر بما عزم عليه في الحال، وقد تقدم أن من شروط قبول التوبة العزم من العبد على عدم العودة إلى الذنب، فإن صح منه العزم على ذلك قبلت توبته، فإن عاد إلى الذنب مرة ثانية احتاج إلى توبة أخرى ليغفر له ذنبه، ولهذا فإن العبد ما دام كذلك كلما أذنب تاب وكلما أخطأ استغفر فهو حري بالمغفرة وإن تكرر الذنب والتوبة([42]).

فوائد الاستغفار :
إن للاستغفار فوائد كثيرة منها :
(1) الاستغفار يجلب الغيث المدرار للمستغفرين ويجعل لهم جنّات ويجعل لهم أنهارا.
(2) الاستغفار يكون سببا في إنعام اللّه- عزّ وجلّ- على المستغفرين بالرّزق من الأموال والبنين.
(3) تسهيل الطّاعات، وكثرة الدّعاء، وتيسير الرّزق.
(4) زوال الوحشة الّتي بين الإنسان وبين اللّه.
(5) المستغفر تصغر الدّنيا في قلبه.
(6) ابتعاد شياطين الإنس والجنّ عنه.
(7) يجد حلاوة الإيمان والطّاعة.
(8) حصول محبّة اللّه له.
(9) الزّيادة في العقل والإيمان.
(10) تيسير الرّزق وذهاب الهمّ والغمّ والحزن.
(11) إقبال اللّه على المستغفر وفرحه بتوبته.
(12) وإذا مات تلقّته الملائكة بالبشرى من ربّه.
(13) إذا كان يوم القيامة كان النّاس في الحرّ والعرق، وهو في ظلّ العرش.
(14) إذا انصرف النّاس من الموقف كان المستغفر من أهل اليمين مع أولياء اللّه المتّقين.
(15) تحقيق طهارة الفرد والمجتمع من الأفعال السّيّئة
(16) دعاء حملة عرش ربّنا الكريم له([43]).

كانت هذه بعض فضائل الاستغفار فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وبعض آثار السلف الصالح رضوان الله عليهم فى الاستغفار , وصيغ الاستغفار وفوائده اسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل بها إنه ولى ذلك والقادر عليه اللهم آمين .

والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

للتواصل مع الكاتب
01119133367
Ahmedarafa11@yahoo.com

--------------------------------
([1])سورة البقرة : الآية: 199 .
([2])سورة هود : الآية : 3 .
([3]) تفسير البحر المحيط : جـ2 صـ62 .
([4]) سورة آل عمران : الآية : 17 .
([5]) تفسير ابن كثير : جـ1صـ434 .
([6])سورة الذاريات : الآية : 18 .
([7])البحر المديد: أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني الإدريسي الشاذلي الفاسي أبو العباس جـ7صـ294 - طبعة دار الكتب العلمية – بيروت .
([8])تفسير القرطبي : جـ4صـ39 .
([9])سورة آل عمران : الآيات : 133- 136 .
([10])سورة البقرة : الآية : 231 .
([11])تفسير القرطبيى : جـ4 صـ110 وما بعدها .
([12]) سورة النساء : الآية: 110 .
([13])سورة  نوح : الآيات : 10- 14 .
([14]) فقه الأدعية والأذكار : للدكتورعبد الرزاق بن عبد المحسن البدر جـ2صـ276 .
([15]) تفسير ابن كثير : جـ8 صـ233 .
([16])سورة  النمل : الآية : 46 .
([17])سورة الأنفال : الآية : 33 .
([18])تفسير ابن كثير : جـ2صـ372 .
  ([19])سورة هود: الآية :4 .
 ([20])أضواء البيان : جـ2 صـ170 .
([21])سورة الأعراف:الآية: 23 .
([22])سورة نوح: الآية: 28 .
([23])سورة هود: الآية: 47 . 
([24])سورة القصص:الآية :16 .
([25])سورة هود:الآية: 90 . 
   ([26])سورة هود:الآية: 61 .
  ([27])أخرجه مسلم فى صحيحه - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار-  باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه - حديث:‏4977‏ .
([28])شرح النووى على مسلم : جـ17 صـ23 وما بعدها .
([29])أخرجه البخاري فى صحيحه - كتاب الدعوات-  باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة - حديث:‏5957‏  .
([30])أخرجه ابن ماجة فى سننه  - كتاب الأدب-  باب الاستغفار - حديث:‏3817‏ ، المستدرك على الصحيحين للحاكم  - كتاب التوبة والإنابة-  حديث:‏7746‏  وضعفه الألباني فى ضعيف الجامع حديث رقم 5471 ، وضعيف الترغيب حديث رقم 1145 ، 1002 .
([31])أخرجه ابن ماجة فى سننه  - كتاب الأدب-  باب الاستغفار - حديث:‏3816‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن ابن ماجة حديث رقم 3886 , وصحيح الجامع حديث رقم 3930 .
([32])مصنف ابن أبي شيبة  - كتاب الديات-  الدية كم تكون ؟ - حديث:‏26191‏ .
([33])صحيح البخاري  - كتاب الدعوات-  باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة - حديث:‏5957‏
([34])المعجم الأوسط للطبراني  - باب الألف-  من اسمه أحمد - حديث:‏846‏ ، شعب الإيمان للبيهقي  - فصل في إدامة ذكر الله عز وجل- حديث:‏665‏ وحسنه الألباني فى صحيح الجامع حديث رقم 5955 ، وصحيح الترغيب حديث رقم 1619 .
([35])سنن الترمذي  الجامع الصحيح  - الذبائح-  أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -  باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله بعباده-  حديث:‏3545‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن الترمذي حديث رقم 3540 ، وصحيح الجامع حديث رقم 4338 .
([36])أخرجه  مسلم فى صحيحه - كتاب التوبة-  باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة - حديث:‏5060‏ .
([37])إحياء علوم الدين : جـ 1 صـ 313 .
([38])أخرجه أبو داود فى سننه - كتاب الصلاة- باب تفريع أبواب الوتر -  باب في الاستغفار- حديث:‏1309‏، وأخرجه الترمذي فى سننه - الذبائح- أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -  باب في دعاء الضيف- حديث:‏3586‏ وصححه الألبانى فى صحيح سنن أبى داود حديث رقم 1517 ، وصحيح سنن الترمذي حديث رقم 3577 .
([39])مدارج السالكين : جـ1 صـ221 طبعة دار الكتاب العربي – بيروت .
([40])صحيح البخاري  - كتاب الأذان- أبواب صفة الصلاة -  باب الدعاء قبل السلام- حديث:‏811‏ ، وأخرجه مسلم فى صحيحه - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار- باب استحباب خفض الصوت بالذكر - حديث:‏4983‏ .
([41])أخرجه أبو داود فى سننه  - كتاب الصلاة-  باب تفريع أبواب الوتر -  باب في الاستغفار- حديث:‏1309‏ وصححه الألباني فى صحيح سنن أبي داود حديث 1517 .
([42]) فقه الأدعية والأذكار : جـ2 صـ287 .
([43])نضرة النعيم فى مكارم أخلاق الرسول الكريم : جـ2 صـ302 .

فضائل الكلمات الأربع


فضائل الكلمات الأربع
إعداد/ د: أحمد عرفة
معيد بجامعة الأزهر

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

 إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن من أعظم الطاعات والقربات لله تبارك وتعالى الإكثار من ذكره سبحانه ، فذكر الله تعالى غذاء الأرواح ، وشفاء القلوب ، وقرة عيون المحبين ، والذكر عبادة عظيمة سهلة ميسرة ، ولكن على من يسر الله عز وجل عليه ، وذكر الله تعالى منه ما هو مقيد أى له أوقات معينة ، وصيغ معينة ، وأماكن معينة ، ومنه ما هو مطلق يكون فى أى وقت ، وأى زمان ، وأى مكان ، ومن الذكر المطلق هذه الكلمات الأربع:(سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر)
لها فضائل كثيرة بينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة ، فهيا بنا نتعرف عليها فى هذه المقالة المتواضعة وبالله التوفيق.
إن لهذه الكلمات الأربع فضائل عظيمة فى السنة النبوية المطهرة منها:

1 ـ أنَّهنَّ أحب الكلام إلى الله:
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الكلام إلى الله تعالى أربع، لا يضرك بأيّهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"([1]).

قال الإمام المناوي رحمه الله:
قوله صلى الله عليه وسلم: (أحب الكلام إلى الله تعالى) أي المتضمن للأذكار والأدعية (أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) لتضمنها تنزيهه تعالى عن كل ما يستحيل عليه ووصفه بكل ما يجب له من أوصاف كما له وانفراده بوحدانيته واختصاصه بعظمته وقدمه المفهومين من أكبريته ولتفصيل هذه الجملة علم آخر (لا يضرك) أيها المتكلم بهن في حيازة ثوابهن (بأيهن بدأت) فلا ينقص ثوابها بتقديم بعضها على بعض لاستقلال كل واحد من الجمل لكن الأفضل ترتيبها هكذا([2]).

2ـ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنّهنَّ أحبُّ إليه مما طلعت عليه الشمس ( أي من الدنيا وما فيها):
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أحبُّ إلي ممّا طلعت عليه الشمس"([3]).
قوله(أحب إلي مما طلعت عليه الشمس): أي من الدنيا وما فيها من الأموال وغيرها.

 قال الإمام ابن العربي رحمه الله:
 أطلق المفاضلة بين قول هذه الكلمات وبين ما طلعت عليه الشمس ومن شرط المفاضلة استواء الشيئين في أصل المعنى ثم يزيد أحدهما على الآخر.
 وأجاب بما حاصله أفعل قد يراد به أصل الفعل لا المفاضلة كقوله تعالى خير مستقرا وأحسن مقيلا ولا مفاضلة بين الجنة والنار وقيل يحتمل أن يكون المراد أن هذه الكلمات أحب إلي من أن يكون لي الدنيا فأتصدق بها والحاصل أن الثواب المترتب على قول هذا الكلام أكثر من ثواب من تصدق بجميع الدنيا([4]).

3 ـ ومن فضائلهن:
عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إنِّي قد كبرتُ وضعُفت ـ أو كما قالت ـ فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال: "سبّحي اللهَ مائة تسبيحة، فإنَّها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لكِ مائة فرس مُسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكَبِّري اللهَ مائة تكبيرة فإنَّها تعدل لك مائة بدَنة مُقلّدة متقبّلَة، وهلِّلي مائة تهليلة ـ قال ابن خلف (الراوي عن عاصم) أحسبه قال ـ: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحدٍ عملٌ إلا أن يأتي بمثل ما أتيتِ به"([5]).

4 ـ ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أنَّهنَّ مكفِّرات للذنوب:
عن عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كُفِّرت عنه ذنوبُه ولو كانت أكثر من زَبَد البحر"([6]).

5 ـ ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أنَّهنَّ غرس الجنة:
 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لقيت إبراهيم ليلة أُسري بي، فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلامَ، وأخبِرهم أنَّ الجنةَ طيِّبةُ التربة، عذبةُ الماء، وأنَّها قيعان، غِراسها سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"([7]).

قال الإمام المناوي رحمه الله :
قوله:(رأيت إبراهيم) الخليل (ليلة أسرى بي فقال يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان) جمع قاع وهو أرض مستوية لأبناء ولا غراس فيها (وغراسها) جمع غرس وهو ما يغرس (سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) أي أعلمهم أن هذه الكلمات تورث قائلها دخول الجنة وأن الساعي في اكتسابها لا يضيع سعيه لأنها المغرس الذي لا يتلف ما استودع فيه([8]).

6 ـ ومن فضائلهنَّ: أنَّه ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده:
 عن عبد الله بن شداد: أنَّ نفرًا من بني عُذْرَة ثلاثةً أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلموا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يكفينيهم" قال طلحةُ: أنا، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهدَ، قال: ثم بَعَثَ بعثاً آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، قال: ثم مات الثالثُ على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استُشهد أخيرًا يليه، ورأيت الذي استُشهد أولَهم آخرَهم، قال: فدخلني من ذلك، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنكرتَ من ذلك، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمّرُ في الإسلام يَكثُر تكبيرُه وتسبيحُه وتهليله وتحميده"([9]).

7 ـ ومن فضائلهنَّ: أنَّ الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهنَّ لعِباده، ورتّب على ذِكر الله بهنّ أجورًا عظيمةً، وثواباً جزيلاً:
عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله اصطفى من الكلام أربعاً: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كُتب له عشرون حسنة، وحُطّت عنه عشرون سيّئة، ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين مِن قِبَل نفسِهِ كُتبت له ثلاثون حسنة، وحُطّ عنه ثلاثون خطيئة"([10]).

8 ـ ومن فضائلهنَّ: أنَّهنَّ جُنّةٌ لقائلهنّ من النار، ويأتين يوم القيامة مُنجيات لقائلهنّ ومقدّمات له:
 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُذوا جُنَّتَكم"، قلنا: يا رسول الله من عدو قد حضر! قال: "لا، بل جُنَّتُكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنَّهنّ يأتين يوم القيامة منجيات ومقدّمات، وهنّ الباقيات الصالحات"([11]).

9 ـ ومن فضائلهنَّ: أنَّهنَّ يَنعَطِفْن حول عرش الرحمن ولهنّ دويٌّ كدويِّ النحل، يذكرن بصاحبهنّ:
 عن النعمان بن بَشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، يَنعَطِفْن حول العرش لهنّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النحل، تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يذكر به "([12]).

10 ـ ومن فضائلهنَّ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنَّهنّ ثقيلاتٌ في الميزان:
عن أبي سلمى رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَخٍ بَخٍ، ـ وأشار بيده بخمس ـ ما أثقلهنّ في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولدُ الصالح يُتوفى للمرء المسلم فيحتسبُه"([13]).

11ـ ومن فضائلهن: أنَّ للعبد بقول كلِّ واحدة منهنّ صدقة:
 روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه: أنَّ ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضولِ أموالهم. قال: "أوَ ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إنَّ بكلِّ تسبيحة صدقة، وكلِّ تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلةٍ صدقة، وأمرٍ بالمعروف صدقة، ونهيٍ عن منكرٍ صدقة، وفي بُضعِ أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوتَه ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ"([14]).

12 ـ ومن فضائلهن : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعلهنّ عن القرآن الكريم في حقِّ من لا يُحسنه:
 عن ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنِّي لا أستطيع أن أتعلّمَ القرآنَ، فعلِّمني شيئا يُجزيني. قال: "تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله". فقال الأعرابي: هكذا ـ وقبض يديه ـ فقال: هذا لله، فمَا لي؟ قال: "تقول: اللّهمّ اغفر لي وارْحمني وعافِني وارْزقني واهْدِني"، فأخذها الأعرابيُّ وقبض كفّيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما هذا فقد مَلأَ يديه بالخير"([15]).

كانت هذه بعض فضائل هذه الكلمات الأربع التى بين لنا فيها النبى صلى الله عليه وسلم ثواب المحافظة عليها ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعمل بها ، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح اللهم آمين.


والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل

للتواصل مع الكاتب
01119133367
Ahmedarafa11@yahoo.com


----------------------------------
([1])أخرجه مسلم فى صحيحه  - كتاب الآداب- باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه - حديث:‏4079‏ .
([2])التيسير بشرح الجامع الصغير : جـ1صـ79 .
([3])أخرجه  مسلم فى صحيحه - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار- باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء - حديث:‏4968‏ .
([4]) تحفة الأحوذي : جـ10 صـ40 .
([5])مسند أحمد بن حنبل  - مسند الأنصار-مسند النساء -  حديث أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها واسمها فاختة حديث:‏26340‏وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترغيب (1553)
([6])المستدرك على الصحيحين للحاكم  - بسم الله الرحمن الرحيم أول كتاب المناسك- كتاب الدعاء  - حديث:‏1792‏ وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترغيب(1569)0
([7])سنن الترمذي  الجامع الصحيح  - الذبائح- أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -  باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد- حديث:‏3467‏ وحسنه الألبانى فى صحيح سنن الترمذى (3462) ، وصحيح الجامع (5152)0
([8]) التيسير بشرح الجامع الصغير : جـ2 صـ49 .
([9])مسند أحمد بن حنبل  - مسند العشرة المبشرين بالجنة- مسند باقي العشرة المبشرين بالجنة -  مسند أبي محمد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه حديث:‏1366‏وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب(3367) ، وصحيح الجامع (5371) .
([10])مسند أحمد بن حنبل  - ومن مسند بني هاشم- مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - حديث:‏11091‏وصححه الألبانى فى صحيح الجامع (1718)0
([11]) المستدرك على الصحيحين للحاكم  - بسم الله الرحمن الرحيم أول كتاب المناسك- وأما حديث رافع بن خديج - حديث:‏1928‏وحسنه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب (1567) ، وصححه فى صحيح الجامع (3214)0
([12])سنن ابن ماجه  - كتاب الأدب- باب فضل التسبيح - حديث:‏3807‏ وصححه الألبانى فى صحيح سنن ابن ماجة (3877) ، وصحيح الترغيب والترهيب (1568)0
([13])صحيح ابن حبان  - كتاب الرقائق- باب الأذكار -  ذكر استحباب الإكثار للمرء من التسبيح والتحميد والتمجيد والتهليل والتكبير لله حديث:‏833‏ وصححه الألبانى فى صحيح الترغيب والترهيب(1557،2009) ، وصحيح الجامع (2817)0
([14])صحيح مسلم  - كتاب الزكاة- باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف- حديث:‏1736‏ .
([15])سنن الدارقطني  - كتاب الصلاة-  باب ما يجزيه من الدعاء عند العجز عن قراءة فاتحة الكتاب - حديث:‏1034‏ . 

 



أسلوب ذكي لمعاقبة الأبناء؟


أسلوب ذكي لمعاقبة الأبناء؟
د. جاسم المطوع
drjasem@

بسم الله الرحمن الرحيم

 قالت عندي ولدان الأول عمره ست سنوات والثاني تسع سنوات وقد مللت من كثرة معاقبتهما ولم أجد فائدة من العقاب فماذا أفعل؟ قلت لها هل جربت (أسلوب الاختيار بالعقوبة)؟ قالت لا أعرف هذا الأسلوب فماذا تقصد ؟ قلت لها قبل أن أشرح لك فكرته هناك قاعدة مهمة في تقويم سلوك الأبناء لا بد أن نتفق عليها وهي أن كل مرحلة عمرية لها معاناتها في التأديب وكلما كبر الطفل احتجنا لأساليب مختلفة في التعامل معه ولكن ستجدين أن (اسلوب الاختيار بالعقوبة) يصلح لجميع الأعمار ونتائجه ايجابية وقبل أن نعمل بهذا الأسلوب لابد أن نتأكد إذا كان الطفل جاهلا أم متعمدا عند ارتكاب الخطأ حتى يكون التأديب نافعا، فلو كان جاهلا أو ارتكب خطأ غير متعمد ففي هذه الحالة لا داعي للتأديب والعقوبة وإنما يكفي أن ننبهه على خطئه ، أما لو كرر الخطأ أو ارتكب خطأ متعمدا ففي هذه الحالة يمكننا أن نؤدبه بأساليب كثيرة منها الحرمان من الامتيازات أو الغضب عليه من غير انتقام أو تشفٍ أو ضرب كما يمكننا استخدام (أسلوب الاختيار بالعقوبة ) وفكرة هذا الأسلوب أن نطلب منه الجلوس وحده فيفكر في ثلاث عقوبات يقترحها علينا مثل (الحرمان من المصروف أو عدم زيارة صديقه هذا الأسبوع أو أخذ الهاتف منه لمدة يوم) ونحن نختار واحدة منها لينفذها على نفسه وفي حالة اختيار ثلاثة عقوبات لا تناسب الوالدين مثل) يذهب للنوم أو يصمت لمدة ساعة أو يرتب غرفته) ففي هذه الحالة نطلب منه اقتراح ثلاث عقوبات غيرها.

قالت معترضة ولكن قد تكون العقوبات التي يقترحها لا تشفي غليلي قلت لها علينا أن نفرق بين التأديب والتعذيب فالهدف من التأديب هو تقويم السلوك وهذا يحتاج إلى صبر ومتابعة وحوار واستمرار في التوجيه أما أن نصرخ في وجهه أو أن نضربه ضربا شديدا فهذا (تعذيب وليس تأديبا) ، إننا عندما نعاقب أبناءنا فإننا لا نعاقبهم بمستوى الخطأ الذي ارتكبوه وإنما نزيد عليهم في العقوبة لأنها ممزوجة بالغضب وذلك بسبب كثرة الضغوط علينا فيكون أبناؤنا ضحية توترنا وعصبيتنا من الحياة ولهذا نحن نندم بعد عقابهم على تعجلنا أو عدم ضبط أعصابنا ، ثم قلت للسائلة وأضيف أمرا مهما وهو أنك عندما تقولين لابنك اذهب واجلس لوحدك وفكر بثلاث عقوبات لأختار أنا واحدة منها لأنفذها عليك فإن هذا الموقف هو تأديب في حد ذاته لأن فيه حوارا نفسيا بين المخطئ وهو الطفل وذاته وهذا تصرف جيد لتقويم السلوك ومراجة الخطأ الذي ارتكب وهو وقفة تربوية مؤثرة.

قالت والله فكرة ذكية سأجربها قلت لها أنا جربتها شخصيا ونفعت معي وأعرف الكثير من الأسر جربوها ونفعت معهم لأن الطفل عندما يختار العقوبة وينفذها فإننا في هذه الحالة نجعل المعركة بين الطفل والخطأ وليس بينه وبين الوالدين فنكون قد حافظنا علي رابطة المحبة الوالدية وكذلك نكون قد احترمنا شخصيته وحافظنا على انسانيته فلم نحقره أو نهينه ومن يتأمل تأديب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للمخطئين يجد أنه مع التأديب يحترمهم ويقدرهم ولا يقبل باهانتهم وقصة المرأة الغامدية التي زنت وطبق عليها الحد فشتمها أحد الصحابة فقال له رسول الله انها تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لوسعتهم فنظرة الاحترام للمخطئ باقية طالما أنه سار في برنامج التأديب.

ثم ذهبت السائلة ورجعت بعد شهر فقالت لي لقد نجح الأسلوب مع أبنائي وصارت عصبيتي معهم قليلة وهم صاروا يختارون العقوبة وينفذونها فأشكرك على هذه الفكرة ولكن أريد أن أسألك كيف فكرت بهذه الطريقة التأديبية الرائعة فقلت لها إني استفدت من الأسلوب القرآني في التأديب فالله تعالي يعطي للمذنب أو للمخطئ ثلاثة خيارات مثل كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان أو كفارة اليمين وغيرها من الكفارات فإن الشريعة الإسلامية تعطي ثلاثة خيارات لمرتكب الخطأ وهذا أسلوب تأديبي راق وجميل فقالت إذن هو اسلوب قرآني تربوي قلت لها نعم إن القرآن والسنة فيها أساليب تربوية عظيمة في تقويم السلوك البشري للصغار والكبار لأن الله هو خالق النفوس وهو أعلم بما يصلحها وأساليب التأديب كثيرة ومنها (أسلوب الاختيار بالعقوبة) الذي شرحناه لك فانصرفت وهي سعيدة في تقويم أبنائها وزيادة المحبة في بيتها.

11 خطأ تربويا.. هل تمارسها مع أبنائك


11 خطأ تربويا.. هل تمارسها مع أبنائك؟
د. جاسم المطوع
drjasem@

بسم الله الرحمن الرحيم
التربية فن وعلم ومهارة، ولكننا في كثير من الأحيان نربي أبناءنا على موروث تربوي خاطئ، أو نتصرف مع أبنائنا كردة فعل سريعة أساسها الغضب والعصبية، وتكون النتيجة دمارا تربويا للأبناء لا نشعر به إلا بعد فوات الأوان، وكم من حالة سيئة تربويا رأيتها بسبب الاجتهاد الخاطئ للوالدين، فالتربية علم نتعلمه ومهارة نتدرب عليها وفق منهج سليم وقواعد تربوية ثابتة، ولهذا أنزل الله تعالي القرآن الكريم كمنهج تربوي لتزكية النفوس وإصلاح المجتمع، وجاءت السنة النبوية والسيرة العطرة معينة للمربين في المنهج العملي التفصيلي لعلاج المشاكل التربوية، ثم تأتي من بعد ذاك الخبرات والتجارب الحياتية في عالم التربية، ومن يتأمل واقعنا التربوي داخل البيوت يجد أنه بعيد كل البعد عن هذه المصادر الذهبية الثلاثة للتربية المتميزة، وقد كتبت احد عشر خطأ تربويا لاحظتها كثيرا في المشاكل التي تعرض علي وفي الغالب يقع فيها الوالدان وهي:

أولا: مراقبة أولادنا الدائمة كمراقبة الكاميرات المعلقة في البنوك والشركات والتي تعمل 24 ساعة في الليل والنهار، وهذا السلوك يؤدي لسلبيات تربوية كثيرة منها (عدم الثقة وقلة الاحترام والتلاعب في تنفيذ التوجيهات)، والصواب أننا نراقب أبناءنا في فترة وأخرى، أو أن تكون المراقبة عن بعد من غير أن نشعرهم بأننا نراقب تحركاتهم.

ثانيا: أن نتدخل في كل تفاصيل حياة أبنائنا، في ملابسهم وطعامهم ولعبهم وحتى في ذوقهم، وهذا ينتج عنه شخصية مهزوزة وضعف في اتخاذ القرار، وفي هذه الحالة سيتعود على الاعتماد على والديه بكل شيء، والصواب أننا نترك لهم حرية الاختيار مع التوجيه اللطيف، ولعل من غرائب ما رأيت رجلا كبيرا بالسن يتصل بأمه ليسألها عن نوعية الملابس التي يلبسها أو ماذا في حقيبة السفر.

ثالثا: اعطاء الاهتمام المبالغ فيه للطفل الوحيد أو المريض مرضا مزمنا، وهذا يؤدي لتمرد الطفل على والديه وعدم استجابته للتوجيهات والأوامر الوالدية، بالإضافة إلى تكبره وغروره عليهما، وقد رأيت حالات كثيرة من هذا الصنف إلى درجة أن الوالدين فقدوا السيطرة على ابنهم.

رابعا: اجبار الأطفال الصغار على العبادات بالقوة والشدة فيسبب ذلك كرها للدين ونفورا من العبادات، وإني أعرف أبا يضرب ابنه البالغ من العمر ست سنوات إذا لم يقم لصلاة الفجر، فصار هذا الولد يصلي أمام والديه فقط، وكأن هذا الأسلوب التربوي يربي الأطفال على النفاق، فتحبيب الأبناء بالدين فن ومهارة وكما قال عليه السلام (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق).

خامسا: كثيرا ما نتهم أبناءنا بأخطاء ارتكبوها معتمدين في ذلك على احاسيسنا ومشاعرنا من غير أن نتأكد أو نتثبت من صحة ارتكابهم للخطأ، فنستعجل في الاتهام والعقوبة ثم نكتشف أننا مخطئون، وهذا السلوك يهدد الثقة في العلاقة الوالدية ويزيد من كراهيتهم لنا، وفي حالة وقوعنا في هذا الخطأ لا بد من الاعتذار منهم من الخطأ الذي وقعنا فيه، فتكون فرصة لنعلمهم الاعتذار من الخطأ أو الاستعجال في الحكم.

سادسا: كبت رغبة أبنائنا في التجربة والاكتشاف، وإني أعرف أما دخلت المطبخ فوجدت ابنتها تعمل الحلوي وقد بعثرت أدوات المطبخ، فأمطرتها بوابل من اللوم والانتقادات والصراخ وطردتها من المطبخ، وكان المفروض أن تتحاور معها وتشجعها وتدعم تجربتها، فكل الأطفال يحبون التجربة والاكتشاف وعلينا أن نستثمر ذلك في تنمية مواهبهم وتشجيع ابداعاتهم.

سابعا: ان بعض الآباء يريدون أن يحققوا في أبنائهم ما عجزوا عن تحقيقه في صغرهم ولو كان ذلك خلاف رغبتهم وقدراتهم، وإني أعرف أما ضعيفة في اللغة الإنجليزية فعوضت نقصها باللغة بأبنائها، واليوم هي نادمة على قرارها لأن أبناءها لا يحسنون قراءة اللغة العربية ولا حتى القرآن الكريم، وأعرف أبا عوض ضعفه في حفظ القرآن بأبنائه، فألزمهم بالحفظ اليومي ولم يراع تفاوت قدراتهم فكانت النتيجة عكسية وكره أبناؤه الدين كله.

ثامنا: الحماية الزائدة للأبناء تنتج عنها شخصية خائفة ومترددة وغير ناضجة، ليس لديها طموح وترفض تحمل المسؤولية، بل ويكون من السهل انحرافها للسلوك السيئ، والصواب أن نكون متوازنين مع أبنائنا من خلال إظهار الحماية واخفائها بين الحين والآخر، فالأساس في التربية أن يقف الطفل على قدميه بعد زمن لا أن يكون تحت حماية والديه طوال عمره.

تاسعا: التفرقة في المعاملة بين الصبي والفتاة، وهذه نجدها كثيرا في مجتمعنا على مستوى الصغار والكبار، والصواب المعاملة العادلة بينهم حتى لا نفكك الأسرة ونزيد من الكراهية بين الإخوان بسبب الاختلاف في الجنس ونركز على مفهوم (إن أكرمكم عند الله اتقاكم).

عاشرا: التفتيش في ملابس الأبناء والتجسس في هواتفهم وأجهزتهم، فإن ذلك يدمر العلاقة الوالدية ويعدم الثقة بينهما، والصواب أن نستأذنهم قبل التفتيش أو أن نتفق معهم على نظام للتفتيش.

حادي عشر: الاستهتار بمشاعر الأبناء كالتحدث أمام الأهل أو الأصدقاء، مثل: (ابني يتبول بفراشه) أو (ابني لديه تأتأة في النطق)، وهذا يترك أثرا سلبيا على نفسية الطفل، وقد تزداد حالته أو يعاند والديه منتقما من الفضيحة.

فهذه أحد عشر خطأ تربويا يكثر ارتكابها في البيوت، ونكرر ما ذكرناه بأن التربية فن ومهارة وعلم.

تويتر @DRJASEM

 

من يعرف «قانون الشجرة» لتربية الأبناء ؟!





من يعرف «قانون الشجرة» لتربية الأبناء ؟!
د. جاسم المطوع
drjasem@

بسم الله الرحمن الرحيم

أن تذكر قصة الشجرة التي أكل منها آدم وحواء كأول قصة في القرآن الكريم فإن في ذلك معنى وهدفا تربويا عظيما، خاصة أنها ذكرت في بداية أطول سورة في القرآن، وهي سورة البقرة.
فقصة الشجرة هي أول قصة حدثت في تاريخ البشرية، وهي أول حدث أسري زوجي حصل في العالم، وتبين أول خطأ وذنب بشري حصل في التاريخ ، وهي أول نشاط اجتماعي يشترك فيه الزوجان معا.
وختاما لهذه المقدمة نقول: إن (قانون الشجرة) هو أول قانون تربوي تأديبي للإنسان المكلف لحمل الرسالة بالأرض، فما قانون الشجرة ؟ وكيف نستثمره في تهذيب أنفسنا وتقويم سلوك أبنائنا؟

سنجيب عن هذا السؤال من خلال طرح عشر فوائد تربوية من (قانون الشجرة) يمكننا استثمارها في تربية أبنائنا، وهي علي النحو التالي :

أولا : وضوح الأمر والتوجيه : فقد كان أمر الله لآدم واضحا بينا (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة) فتم تحديد شجرة بعينها لا يأكل منها وهي (هذه الشجرة)، وسمح له بالأكل من كل الأشجار.

ثانيا : نقدم البديل عندما نمنع : وقد قدم الله لآدم وزوجته البديل عندما قال لهما: (وكلا منها رغدا حيث شئتما)، فكل ما في الجنة يمكنهما الاستمتاع به عدا شجرة واحدة، فالبدائل كثيرة أمام الممنوع الواحد.

ثالثا: الحوار الهادئ مع المخطىء: وقد حاورهما الله بعد ارتكاب الخطأ بتذكيرهما بالأمر السابق (ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة، وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين)، حوار هادئ لا غضب فيه ولا عنف.

رابعا : إعطاء المخطئ فرصة للاعتذار : فقد أعطى الله لهما فرصة، ليعتذرا عن الخطأ : (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).

خامسا : الاستماع للمعتذر وقبول اعتذاره، قال تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم).
فلم يصر آدم على خطئه، ولم يلق اللوم على الشيطان الذي وسوس له، بل تحمل كامل مسؤولية أخطائه، فقبل الله اعتذاره وتاب عليه، قال تعالى: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).

سادسا : معرفة أسباب ارتكاب الخطأ: إن الشيطان هو السبب الرئيس للخطأ، فقد وسوس لهما مستفيدا من شهوة النفس في الخلود والملك، قال تعالى: (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) ، فاستجابا لخواطر الشيطان ووسوسته وعلما بأنه عدو لهما.
كما أنه نسي أمر الله وتوجيهه بعدم الأكل من الشجرة، وخطأ الإنسان يقع عادة إما جهلا أو شهوة.

سابعا : التأديب : بعد اعتراف المخطئ بخطئه وقبول الاعتذار يتم تأديب المخطئ قال تعالى: (قال اهبطا منها جميعا).

ثامنا : الحديث عن المستقبل بعد الخطأ : بعد وقوع الخطأ والانتهاء من العملية التربوية تحدث الله لهما عن المستقبل حول طاعة الرحمن وعصيان الشيطان فقال: (بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى).
وكذلك بين لهما المستقبل حول الأرض بقوله تعالى : (وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين).

تاسعا : تعلم مهارة التعامل مع الدعاية الكاذبة : لأن الشيطان استخدم الدعاية الكاذبة لآدم وزوجته من خلال الوسواس وتزيين الخلد والملك والتلاعب بعقليهما وشهوتيهما، لكن انكشفت الحقيقة لهما بعد عصيان أمر الله من خلال كشف عورتهما، قال تعالى: (فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى).
وقد استخدم الشيطان الدعاية الكاذبة وأقنع آدم بأنه سيكون ملكا، علما بأن آدم يعلم بأنه بشر ، وقد أسجد الله له الملائكة فكيف يكون ملكا؟ لكنه التأثر بدعاية الشيطان وحبائله.

عاشرا : التعرف على الذات والاستفادة من الخبرات : تعلم آدم من هذه التجربة حقائق كثيرة منها: أن النفس تميل لاتباع الشهوات، وأن ليس كل مخلوق طيبا وصادقا وصالحا، قال تعالى: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين)، وأن الإنسان ممكن يظلم نفسه، قال تعالى: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا ) ، وأن الإنسان ممكن أن ينسى (ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) لأن الله أخبره بأن ابليس عدو له قبل دخوله للجنة (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى)، وأن الله يغفر ويرحم: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).

فهذا هو قانون الشجرة التربوي الذي ينبغي أن نستثمره في تربية أنفسنا وتهذيب أبنائنا، فلا نعاقبهم إلا بعد التأكد من وضوح الأمر لهم، ونسمح لهم بالتعبير عن رأيهم، ونستمع لهم ونقبل اعتذارهم من غير غضب أو ضرب.

ولا مانع من استخدام وسيلة التأديب مع بيان الحكمة من العقوبة وما الذي سيترتب على الخطأ لو استمروا فيه، مع بقاء العلاقة مستمرة وطيبة معهم وإعلان قبول اعتذارهم.

ولعل السؤال الذي يثار هو: (لماذا الله لم يسامح آدم وزوجته ويبقيهما بالجنة؟) ، والجواب : لأنهما خلقا للخلافة في الأرض، لكن كان اختبار الشجرة في الجنة عبارة عن تدريب عملي ميداني لمعرفة كيفية التعامل مع الذات ومع الله ومع الشيطان، ولتكون عبرة لذريته من بعده.

فهذا امتحان بسيط من مادة واحدة، لكنه يكفي لتقديم منهج ورؤية للتعامل مع الحياة كلها.

drjasem@ تويتر

 

فضل أيام التشريق





فضل أيام التشريق
إبراهيم بن محمد الحقيل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فإن ذكر الله تعالى من أفضل العبادات وأجلّها, بل عده معاذ بن جبل رضي الله عنه أفضل عبادة على الإطلاق, إذ قال: ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله تعالى, قالوا يا أبا عبدالرحمن, ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا, إلا أن يضرب بسيفه حتى ينقطع, لأن الله تعالى يقول في كتابه ( وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) فذكره تعالى فيه حياة القلوب وطمأنينتها وسكينتها كما قال تعالى: ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد: من الآية28)
من ذكر الله في كل أحيانه هانت عليه الدنيا وما فيها, فلا يشقى بها, لأنه يذكر خالقها, ويعلم أن ما عنده خير وأبقى.
ذاكر الله تعالى لا يرهب من مخلوق, ولا يخاف شيئاً فذكر الله تعالى جعل في قلبه شجاعة وإقداماً لا يعرف معه الجبن والتردد. وهذا هو السر في قوة المجاهدين في سبيل الله حينما يغلبون عدواً يفوقهم عدداً وعتاداً, وهو السر في أن العلماء والمصلحين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويصدعون بالحق لا يخافون في الله لومة لائم, فالظن بهم أنهم أكثر الناس ذكراً لله تعالى.
هذه أيام ذكر وشكر:
أيام التشريق أيام ذكر الله تعالى وشكره وإن كان الحق أن يذكر الله تعالى ويشكر في كل وقت وحين, لكن يتأكد في هذه الأيام المباركة. روى نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله) أخرجه مسلم وفي رواية للإمام أحمد(من كان صائماً فليفطر فإنها أيام أكل وشرب) صحيح مسلم.
وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)(البقرة: من الآية203) وجاء في حديث عبد الله بن قرط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر) أخرجه الإمام أحمد.
ولما كانت هذه الأيام هي آخر أيام موسم فاضل, فالحجاج فيها يكملون حجهم, وغير الحجاج يختمونها بالتقرب إلى الله تعالى بالضحايا بعد عمل صالح في أيام العشر, استحب أن يختم هذا الموسم بذكر الله تعالى للحجاج وغيرهم.
وتلك سنة سنها الله تعالى عقب انتهاء بعض العبادات: ففي الشأن الذكر عقب الصلاة جاء القرآن العظيم بالأمر به في قوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ )(النساء: من الآية103)
وفي ذكر صلاة الجمعة قال تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الجمعة:10)
وعقب الحج أمر بذلك فقال تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً )(البقرة: من الآية200)
وينبغي للذاكر أن يتدبر الذكر الذي يقوله, ويفهم معناه فذلك أدعى للخشوع والتأثر به, ومن ثم صلاح القلب.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ فيه القلب واللسان, وكان من الأذكار النبوية, وشهد الذاكر معانيه ومقاصده.
الذكر المتأكد في أيام التشريق:
يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات, والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر للحجاج وغيرهم .
وقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون, ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام, وخلف الصلوات , وعلى فراشه, وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً. وكانت ميمونة رضي الله عنها تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عفان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المساجد [صحيح البخاري] بل بلغ من أهمية التكبير المقيد بأدبار الصلوات أن العلماء قالوا: يقضيه إذا نسيه, فإذا نسي أن يكبر عقب الصلاة فإنه يكبر إذا ذكر ولو أحدث أو خرج من المسجد ما لم يطل الفصل بين الصلاة والتكبير.
وهكذا التكبير المطلق مشروع أيضاً في السوق وفي البيت وفي المسجد وفي الطريق تعظيماً لله تعالى وإجلالاً له, وإظهاراً لشعائره .
اجتماع نعيم القلوب ونعيم الأبدان:
أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب, ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر, وبذلك تتم النعمة. وكلما أحدثوا شكراً على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى, فيحتاج إلى شكر آخر ولا ينتهي الشكر أبداً.
الاستعانة بالنعمة على الطاعة:
قال الحافظ بن رجب رحمه الله تعالى: ( وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته, وذلك من تمام شكر النعمة أن يستعان بها على الطاعات, وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له, فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفراً وهو جدير أن يسلبها كما قيل:
إذا كنت في نعمة فارعها      فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليه بشكر الإله        فشكر الإله يزيل النقم
وخصوصاً نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام, كما في أيام التشريق, فإن هذه البهائم مطيعة لله لا تعصيه, وهي مسبحة لله قانتة كما قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍإلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ )(الاسراء: من الآية44) وإنها تسجد له كما أخبر بذلك في قوله تعالى: ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(النحل:49) وقال تعالى: (السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ)(الحج: من الآية18) وربما كانت أكثر ذكراً لله من بعض بني آدم, وفي المسند مرفوعاً(رب بهيمةٍ خير من راكبها وأكثر لله منه ذكراً)[مسنده أحمد]
وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن كثيراً من الجن والأنس كالأنعام بل هم أضل, فأباح الله عز وجل ذبح هذه البهائم - المطيعة الذاكرة له- لعباده المؤمنين حتى تتقوى بها أبدانهم, وتكمل لذاتهم في أكلهم اللحوم, فإنها من أجل الأغذية وألذها, مع أن الأبدان تقوم بغير اللحم من النباتات وغيرها, لكن لا تكمل القوة والعقل واللذة إلا باللحم, فأباح للمؤمنين قتل هذه البهائم والأكل من لحومها, ليكمل بذلك قوة عباده وعقولهم, فيكون ذلك عوناً لهم على علومٍ نافعة, وأعمالٍ صالحة يمتاز بها بنو آدم على البهائم, ويتقوون بها على ذكر الله عز وجل.... فلا يليق بالمؤمنين مع هذا إلا مقابلة هذه النعم بالشكر عليها, والاستعانة بها على طاعة الله عز وجل وذكره, حيث فضل الله ابن آدم على كثير من المخلوقات وسخر له هذه الحيوانات قال الله تعالى: ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(الحج: من الآية36)
فأما من قتل هذه البهائم المطيعة الذاكرة لله عز وجل ثم استعان بأكل لحومها على معاصي الله عز وجل, ونسي ذكر الله عز وجل فقد غلب الأمر وكفر النعمة. فلا كانت البهائم خيراً منه وأطوع.[لطائف المعارف]
وفي تسخير هذه الأنعام يقول الله تبارك وتعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الحج:36) قال ابن كثير رحمه الله تعالى: قوله: (كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) يقول تعالى:  من أجل هذا سخرناها لكم أي: ذللناها لكم وجعلناها منقادة لكم خاضعة, إن شئتم ركبتم, وإن شئتم حلبتم, وإن شئتم ذبحتم, كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ( 71 )وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ(72 )وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ)(يّـس:71-73) وقال في تفسير هذه الآية الكريمة ( كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [تفسير ابن كثير] والله تعالى خلقها للعباد وليس محتاجاً إليها ولا إلى عباده؟ فهو الغني عن العالمين؟ ولكنه تعالى خلقها تسخيراً للعباد, وليتقربوا بها إليه بإهراق دمها في هذه الأيام الفاضلة, كما قال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)(الحج:37) قال ابن كثير: إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها, فإنه الخالق الرازق, لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها, فإنه تعالى هو الغني عما سواه, وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم, ونضحوا عليها من دمائها فقال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا ) [تفسير ابن كثير]
بين أيام التشريق ونعيم الجنة:
في النهي عن صيام أيام التشريق بعد العمل الصالح في عشر ذي الحجة لمن لم يحج, وبعد أعمال الحج, في هذا النهي عن الصيام والتمتع بما أحل الله من الطيبات إشارة إلى حال المؤمنين في الدنيا. فإن الدنيا كلها أيام سفر كأيام الحج, وهي زمان إحرام المؤمن عما حرم الله عليه من الشهوات, فمن صبر في مدة سفره على إحرامه, وكف عن الهوى, فإذا انتهى سفر عمره, ووصل إلى منى المُنى فقد قضى تفثه ووفى نذره, فصارت أيامه كلها كأيام منى, أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ,وصار في ضيافة الله عز وجل في جواره أبد الأبد, ولهذا يقال لأهل الجنة: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الطور:19) (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة:24) من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها غداً بعد وفاته, ومن تعجل ما حرم عليم من لذاته عوقب بحرمان نصيبه من الجنة وفواته وشاهد ذلك : من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة, ومن لبس الحرير لم يلبسه في الآخرة[انظر:لطائف المعارف]

فالواجب على المسلمين تقوى الله تعالى, وعمارة أوقاتهم بذكره تعالى وشكره وطاعته. فكما تنقضي هذه الأيام الفاضلة على المفرط والمحسن معاً مع الفارق الكبير بين عملهما فكذلك الدنيا تنقضي على الجميع لا تقدم المحسن قبل حلول أجله, ولا تؤخر العاصي ليتوب, بل إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون, ولكن الطائع ينسى مشقة الطاعة, وصبره عليها, وصبره عن الشهوات, ويجد حلاوة الأجر والثواب. وكذلك العاصي ينسى حلاوة الشهوات ويجد مرارة السيئات التي كتبت عليه من أجر تضييعه للفرائض وارتكابه للنواهي. وفقنا الله تعالى لهداه, وجعل عملنا في رضاه , والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج حتى نحذرها ونحذر منها


بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج حتى نحذرها ونحذر منها
 للشيخ/ وليد بن راشد السعيدان
رِهَام النَّاهِض
@Reham__7

بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الشيخ/ وليد بن راشد السعيدان بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض الحجاج حتى نحذرها ونحذر منها :-
منها :- الإحرام قبل الميقات تعبداً .
ومنها :- مجاوزة الميقات بلا إحرام خوفاً من رجال الأمن, وفاعل ذلك عليه دم مع ما يجب عليه من التوبة النصوح بسبب هذا الاستخفاف والتلاعب .
ومنها :- التقاط الصور بعد لبس الإحرام وفي أثناء تأدية المناسك, وهو حرام لأن التصوير كله حرام .
ومنها :- قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين قبل الدخول في النسك وهذا لا أصل له.
ومنها :- التلفظ بالنية عند الإهلال بالنسك فيقول ( اللهم إني نويت نسك كذا وكذا)
ومنها :- التلبية الجماعية .
ومنها :- اعتماد أدعية خاصة عند دخول مكة مع أنه لم يثبت في ذلك شيء .
ومنها :- اعتماد أدعية خاصة عند دخول مسجد الحرام وهذا لايصح فيه شيء وإنما المعتبر في الدعاء هو ما يعتمد في سائر المساجد كما في حديث أبي أسيد عند مسلم فقط.
ومنها :- الاضطباع من أول الإحرام إلى أن يحله ليوم العاشر وهذا لا أصل له وإنما يفعله البعض استحساناً, وتقليداً وإنما الاضطباع يكون في الطواف الأول فقط .
ومنها :- تعبد المرأة بالإحرام بلباسٍ معين كالأبيض والأخضر وهذا لا أصل له بل لها أن تحرم فيما شاءت .
ومنها :- تطييب ثياب الإحرام .
ومنها :- اعتقاد الآفاقي جواز الإحرام من جدة .
ومنها :- اعتقاد بعضهم أنه لا يجوز له تغيير ثياب الإحرام, وهذا خطأ فالحاج يجوز له تبديل ثيابه ولا حرج في ذلك .
ومنها :- اعتقاد البعض أن محظورات الإحرام تحرم بمجرد لبس الإزار والرداء وهذا خطأ والصواب أنه لا تحرم إلا بعد نية الدخول في النسك لأنها هي حقيقة الإحرام .
ومنها :- تساهل بعض النساء بعدم خلع القفازين والنقاب وهذا محرم لأن النقاب والقفازين من جملة المحظورات بالنسبة للمرأة .
ومنها :- تكلف بعض النساء وضع طاقية على رأسها لها مقدم يكون عازلاً بين الطرحة والوجه وهذا خطأ, بل الصواب أنها تستر وجهها ولو لامست الطرحة وجهها فلا بأس لعدم الدليل الموجب لهذه المجافاة .
ومنها :- تأخير الإحرام بالنسبة لمن في الطائرة حتى يصلوا إلى جدة, وهذا خطأ بل الصواب وجوب الإحرام إذا حاذوا الميقات .
ومنها :- اعتقاد البعض أنه يستحب الإحرام من تحت ميزاب الكعبة أي إذا أراد المتمتعون أو أهل مكة الإحرام فإن بعضهم يعمد للمسجد الحرام ليحرم من تحت الميزاب, وهذا خطأ بل الصواب أن المتمتع يحرم من مكانه الذي هو فيه, وأهل مكة يحرمون من دورهم والأصل في العبادات الوقف على الدليل .
ومنها :- رفع المرأة صوتها بالتلبية, والصواب هو أن تخفض صوتها بحيث لا تسمعها إلا من بجوارها .
ومنها :- تخصيص أدعية للطواف والسعي, كالشوط الأول يقال فيه كذا والثاني يقال فيه كذا, وهكذا وهذا كله مما لا أصل له في السنة .
ومنها :- الجهر بالدعاء في الطواف أو الجهر بالقراءة فيه بحيث يشوش على الآخرين وهذا خطأ .
ومنها :- الأدعية الجماعية خلف المطوف و هذه والله بلية لا بد من التنبيه عليها دائماً
وأبداً حتى تزول .
ومنها :- اعتقاد البعض أن اتخاذ المطوف من كمال العمرة أو من كمال الطواف وهذا لا أصل له, بل أكاد أن أقول:- إنه من منقصات أجر الطواف ما يحدث معه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان .
ومنها :- طواف البعض داخل الحجر وهذا خطأ عضال لأن بعض الحجر من البيت جزماً, والواجب الطواف من وراء الحجر ومنها تسمية الكثير هذا الحجر بحجر إسماعيل وهي تسمية لا أصل لها, بل إنها تحمل في طياتها نفخة من نفخات القبوريين .
ومنها :- استلام الركنيين الشاميين وهذا خطأ والصواب أنهما لا يستلمان لعدم النقل والأصل في التعبد الوقف, وهما أصلاً ليس على قواعد إبراهيم .
ومنها :- تعمد التمسح بأستار الكعبة طلباً للبركة, وهذه بدعة لأن الأصل في طلب البركة من شيء الوقف على الدليل .
ومنها :- التمسح بمقام إبراهيم وهو بدعة لأن بركة المسجد الحرام أصلاً بركة معنوية لازمة وليست بركة ذاتية منتقلة فانتبه لهذا .
ومنها :- تقبيل الركن اليماني أو الإشارة إليه من بعيد وهذا لا أصل له لعدم النقل الصحيح الصريح, وإنما السنة فيه الاستلام إن أمكن وإلا فمضي ولا تفعل شيئاً .
ومنها :- تقبيل اليدين والإشارة بهما للحجر وتكرير ذلك وهذا التقبيل لا أصل له وتكرار الإشارة أيضاً لا أعلم له مستنداً, بل السنة الاقتصار في الإشارة على مرة واحدة.
ومنها :- الصلاة أو السجود المفرد على الخط الممتد من الحجر وهذه طامة كبيرة لا يزيلها إلا الفقه في الدين وإزالة الخط الذي فتن الناس به .
ومنها :- الرمل في حال الزحام الشديد .
ومنها :- مسح الأطفال باليد بعد استلام الحجر الأسود بها وهذا خطأ ولا شك .
ومنها :- قول بعضهم عند تقبيل الحجر الأسود ( اللهم صل على من بني قبلتك ) وهذا
خطأ وبدعة وهذا القول موضوع لا أصل له .
ومنها :- المزاحمة الشديدة بقصد تقبيل الحجر وقد قدمنا لك أنه خطأ لأن السنة إذا أدى فعلها إلى مفسدة فالمشروع تركها .
ومنها :- إطلاق اللسان بالسباب والشتائم بأدنى خطأ, وهذا نسمعه كثيراً بل رأيت بعض الحجاج لما زوحم التفت خلفه وبصق الذي خلفه, وهذا سوء فعل ولاشك والصواب وجوب الصبر والحلم والتزام الرفق والأناة والعفو والتجاوز والتسامح ولكن أين نحن من هذا والله المستعان .
ومنها :- المزاحمة الشديدة بالصلاة خلف المقام .
ومنها :- تخصيص دعاء للمقام وهذا لا نلم له أصلاً .
ومنها :- تخصيص دعاء للشرب من ماء زمزم وهذا مالا نعلم له أصلاً .
ومنها :- اعتقاد أن من شرب من ماء زمزم فقد غفرت ذنوبه، وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- اعتقاد أفضلية الطواف حافياً وهذا لانعلم له أصلاً، وكل حديث في تفضيل الطواف حافياً فهو لا يصح .
ومنها :- الرمل في الطواف كله وهذا لا أصل له وإنما السنة الرمل في الأطواف الثلاثة فقط .
ومنها :- الإشارة إلى الميزاب عند محاذاته وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- اعتقاد استحباب الاغتسال من ماء الميزاب إذا نزل المطر, وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- مسح أعمدة المسجد أو تقبيلها وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- التلفظ بنية السعي .
ومنها :- الركض الشديد في شوط السعي كله وهذا من البدع بلا شك .
ومنها :- سعي المرأة السعي الشديد بين العلمين وهذا لا نعلم له مستنداً لأنه من خصائص الرجال .
ومنها :- اعتقاد استحباب البدء بالطواف من الركن اليماني .
ومنها :- اعتقاد استحباب البدء بالطواف من باب الكعبة .
ومنها :- إطالة القراءة في ركعتي الطواف .
ومنها :- الزيادة على الركعتين خلف المقام, فبعضهم يصلي أربعاً وبعضهم يصلي ستاً.
ومنها :- اعتقاد بعضهم استحباب الدعاء بعدهما .
ومنها :- قراءة بعضهم ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ( في كل شوط إذا دنى من الصفا والصواب قراءتها في أول سعيهِ إذا دنى من الصفا .
ومنها :- اعتقاد بعضهم أفضلية الحلق بعد الفراغ من عمرة التمتع وهذا خطأ بل السنة التقصير وتأخير الحلق إلى يوم النحر .
ومنها :- اعتقاد البعض أن تقصيره من جوانب الرأس كاف وهذا خطأ والصواب التقصير من عموم الرأس بحيث يدور المقص على عموم الرأس .
ومنها :- حلق بعض المعتمرين بعض رأسه ليتحلل من عمرته هذه ويبقى نصف رأسه ليحلقه في عمرة أخرى, وهذا لاشك أنه خطأ .
ومنها :- أخذ شيء من اللحية بعد التحلل وهذا خطأ قبيح .
ومنها :- الوقوف خارج حدود عرفة, وهو أعظم الأخطاء لأنه يفضي إلى بطلان الحج لأن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم .
ومنها :- الاقتصار على الوقوف بعرفة أول النهار فقط ويخرج منها قبل الزوال بحجة كثرة الأشغال وهذا خطأ قبيح ونخشى على فاعله من بطلان حجه لأن طائفة كبيرة من أهل العلم ذهبوا إلى أن الوقوف لا يبدأ إلا بعد الزوال .
ومنها :- اعتقاد بعضهم أن عرنة من عرفة وهذا خطأ لأن الصحيح أنها ليست منها .
ومنها :- إتمام الحجاج من أهل مكة الصلاة وعدم القصر في عرفات وهذا خطأ والصواب أن القصر يعم كل الحجاج أهل مكة وغيرهم .
ومنها :- صعود جبل إلال وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- الصلاة إلى الشاهد الذي فوقه وهذا بدعة ولا نشك في ذلك مع أنه في وقت نهي عن الصلاة .
ومنها :- تضييع وقت الوقوف بالنوم والأحاديث التي لا مصلحة فيها, وهذه بلية وخيمة وتضييع لأفضل أوقات الحج وأرجى أوقات الإجابة فيه .
ومنها :- الإفاضة من عرفات قبل الغروب وهذا خطأ وقد شرحنا ذلك سابقاً .
ومنها :- حجز مكان زائد عن الحاجة, وهذا يقع فيه أصحاب الحملات كثيراً, وفيه ظلم وحرمان لغيرهم .
ومنها :- عدم السكينة في الإفاضة من عرفات .
ومنها :- تأخير صلاة المغرب والعشاء إلى ما بعد منتصف الليل بسبب كثرة الزحام المانع من الوصول للمزدلفة ظناً منهم أن لا صلاة إلا بعد الوصول للمزدلفة وهذا خطأ بلا شك .
ومنها :- التشاغل عن المبادرة بأداء الصلاة بعد الوصول للمزدلفة مع أن السنة هو المبادرة بالصلاة قبل حط الرحل .
ومنها :- الخروج من مزدلفة قبل منتصف الليل .
ومنها :- رمي الأقوياء الذين لا خوف عليهم للجمرة قبل الفجر .
ومنها :- التزاحم الشديد عند رمي الجمرة .
ومنها :- رمي سائر الجمرات في يوم النحر .
ومنها :- الرمي بالنعال والمظلات والأحجار الكبيرة .
ومنها :- غسل الحصى .
ومنها :- سب الشيطان ولعنه عند الرمي والتلفظ بعبارات البغض إظهاراً للعداوة .
ومنها :- رمي الجمرة من بعيد بحيث لا تصل الحصاة للمرمى .
ومنها :- اعتقاد البعض أنه يرمي عين الشيطان وذاته .
ومنها :- الرمي قبل الزوال في أيام التشريق .
ومنها :- تقييد الرمي بأذكار خاصة غير التكبير .
ومنها :- الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الثالثة .
ومنها :- عدم الترتيب في رمي الجمرات أيام التشريق .
ومنها :- رمي الحصيات السبع دفعة واحدة .
ومنها :- وضع الحصى في المرمى من غير رمي .
ومنها :- الخروج من منى قبل منتصف الليل فإن من فعل ذلك فإنه لا يصدق عليه أنه بات في منى .
ومنها :- التوكل عن النساء القادرات .
ومنها :- ترك التكبير مع الرمي, والسنة أن يكبر .
ومنها :- زيادة البسملة مع التكبير وهذا لا نعلم له أصلاً .
ومنها :- مزاحمة الناس بالافتراش حول جسر الجمرات, والتضييق عليهم بالذهاب والإياب .
ومنها :- بدء النساء اللاتي وكلن بالرمي في يوم النفر الأول في طواف الوداع قبل رمي وكيلها عنها, وهذا خطأ يقع فيه الكثير وأظنه خف في الآونة الأخيرة بعد انتشار الهواتف النقالة .
ومنها :- ترك طواف الوداع عمداً اعتياظاًعنه بالدم, وهذا خطأ واستخفاف بشعائر الله وعدم تعظيم لحرماته وحدوده, وفاعله آثم وعليه التوبة النصوح .
ومنها :- رجوع القهقرى بعد طواف الوداع, وهذه بدعة بلا شك .
ومنها :- المكث الطويل بلا حاجة بعد طواف الوداع .
ومنها :- وضع الحجر للعودة إلى بلاده في وقت لا يستطيع معه من إكمال نسكه وهذا يقع فيه الكثير .
ومنها :- تخصيص أدعية مخصوصة تقال بعد طواف الوداع .
ومنها :- الإشارة للكعبة من بعيد قبل خروجه من المسجد على هيئة من يودع غالياً
عليه, وهذه الإشارة لا نعلم لها أصلاً .
ومنها :- الزيادة على الأشواط السبعة في طواف الوداع بحجة تطويل زمن التوديع وقد سئلت عن هذا فأجبت بأنه بدعة لا أصل له .
ومنها :- الذهاب إلى عرفات والمبيت بها ليلة التاسع وهذا خطأ وتضييع لسنن كثيرة .
ومنها :- تعمد لقط الحصى من جبل إلال اعتقاداً لأفضلية الرمي به .
ومنها :- تخصيص أذكار معينة لاستقبال الحاج وهذا لا نعلم له أصلاً.