و نفيد بأن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى و التشريع بجلستها المعقودة في 16 من ربيع أول سنة 1433 هـ الموافق 8 من فبراير سنة 2012 م ، حيث استعرضت إفتاءها السابق بجلستها المعقودة بتاريخ 19 من إبريل سنة 2006 ملف رقم 86/4/1572 و الذي انتهت فيه إلى عدم أحقية المعروضة حالته في إعادة حساب العلاوة الخاصة السابق منحها له أثناء عمله السابق بجامعة القاهرة و كذا عدم أحقيته في بدل التمثيل و الأجور الإضافية ، و كذا استعرضت ما جرى عليه إفتاء الجمعية العمومية من أنه في مجال علاقة الدولة بالعاملين بمرافقها العامة المتعددة بات الرأي مستقراً على أنها علاقة تنظيمية من روابط القانون العام تدور في فلكه و تخضع لأحكامه ، و ثار بشأن هذه العلاقة أمر الموازنة بين الشرعية و الاستقرار ، فالشرعية تتطلب تصحيح كل ما هو معيب بغض النظر عما مضى عليه من الزمن ، بينما دواعي الاستقرار تقتضي الاعتداد بما صدر معيباً متى مضت عليه مدة معينة ، حفاظاً على استقرار المراكز القانونية من الزعزعة ، و أن العامل وهو ينخرط في خدمة أحد مرافق الدولة نظير أجر يعتمد بحسب الغالب الأعم على هذا الأجر، فإذا ما قامت جهة الإدارة بتسوية حالته على نحو زاد في أجره بما ليس من حقه ، و لم تقترن هذه التسوية بسعي غير مشروع منه أو بما يدخل به الغش على الجهة الإدارية ، فإن دواعي الاستقرار التي ثقلت موازينها في القانون الإداري ، و قواعد العدالة التي تمثل شأواً عظيماً في فروع القانون عامة و القانون الإداري خاصة ، و المبادئ العامة التي تمليها ضرورات سير المرافق العامة ، و ما تقتضيه من رعاية عمال المرافق العامة و تأمينهم ضد المفاجآت التي تضطرب بها حياتهم ، حتى ينخرطوا في خدمة المرفق آمنين مطمئنين يعطون أفضل ما عندهم ، فكل أولئك يقتضي القول بألا يسترد من العامل ما سبق صرفه إليه بغير وجه حق ، إثر تسوية تبين خطؤها كلها أو في جزء منها على نحو ما سلف بيانه ، حتى لا تضطرب حياة هذا العامل و يختل أمر معيشته و أسرته اختلالاً شديداً دون أن يكون له شأن بالخطأ الذي وقعت فيه جهة الإدارة ، ولا جرم أن ذلك كله منوط بتوافر حسن النية لدى العامل و القائمين على أمره بالجهة الإدارية ، سداً لكل ذريعة نحو التحايل أو المجاملة ، فإذا أفصحت الأوراق عن غش أو تواطؤ أو مجاملة ، ينهض حق الجهة الإدارية في الاسترداد من العامل لرد قصده عليه و تفويتاً لباطل مسعاه ، فضلاً عن المساءلة التأديبية له و لمن شاركوه هذا الإثم ، قطعاً للسبيل لكل من تسول له نفسه أن يعطي أو يأخذ غير المستحق من أموال المرفق الذي يعمل به غشاً أو مجاملة ، و مرد الأمر في ذلك إنما يكون في كل حالة واقعية وفقاً لظروفها و ملابساتها .
و ترتيباً على ما تقدم ، و كان البين من الأوراق أن حساب العلاوات الخاصة المستحقة للعاملين منذ عام 1987 و حتى عام 2001 للمعروضة حالته عند تعيينه بجهاز تنظيم مرفق الكهرباء و حماية المتسهلك عام 2001 على أساس الراتب الشامل المقرر له بالعمل بالجهاز بالرغم من سابقة حصوله على تلك العلاوات الخاصة إبان عمله بالجامعة بالمخالفة لأحكام القانون وفقاً لما انتهت إليه الجمعية العمومية بجلستها المعقودة في 19 إبريل سنة 2006 ، و أنه ثابت من الأوراق أن ممثل وزارة المالية بالجهاز اعترض على ذلك الأمر بموجب مذكرة قدمت للسيد المعروضة حالته بوصفه المدير التنفيذي للجهاز إلا أنه أصر على تنفيذ ما انتهى إليه المسئول عن شئون العاملين بالجهاز و هو أحد مرؤسيه ، و هو الأمر الذي قد يشوب هذا التصرف بشبهة التواطؤ والمجاملة المتمثلتين بالغش في نفيهما حسن النية ، حيث إنه كان يتعين على المعروضة حالته في الحالة الماثلة و في ضوء الاعتراض المبدى من ممثل وزارة المالية و التي تعد حافظاً للمال العام أن يلجأ إلى جهة الإفتاء المختصة أسوة بما اتبعه من استطلاع رأي إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بِشأن أحقيته في الحصول على العلاوات الخاصة المستحقة أثناء فترة عمله بالجهاز ، و من ثم فإنه في ضوء انتفاء حسن النية للمعروضة حالته في الحالة الماثلة يتعين على جهة الإدارة استرداد ما صرف للمعروضة حالته من مبالغ صرفت له بدون وجه حق نتيجة لحساب العلاوات الخاصة عن الفترة من عام 1987 و حتى عام 2001 على أساس راتبه الشامل المقرر له بالجهاز عند بدابة تعيينه فيه و السابق حسابها له إبان عمله بالجامعة .
و من حيث إنه بالنسبة لما صرف للمعروضة حالته من بدل تمثيل و أجور إضافية عن ساعات العمل الإضافي ، فإن هذا الأمر لم يتبين للجمعية العمومية أن هناك أي شبهة ينتفي معها حسن النية في صرف هذه المبالغ للمعروضة حالته ، حيث إن الأوراق قد خلت مما يفيد اعتراض أي جهة رقابية على هذا الأمر ، فإنه وفقاً لما استقر عليه إفتاء الجمعية سالف البيان لا يجوز استرداده ".
( ملف رقم 86/4/1572 – جلسة 8/2/2012 – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الرابع – ص 235 و ما بعدها )
==================================
المصدر /
http://kenanaonline.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق