مشاركة واس

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين - أهلا وسهلا ومرحبا زائرنا الكريم .

احدث الموضوعات

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019

قصة آدم عليه السلام

 

قصة آدم عليه السلام

تبدأ الخليقة البشرية على الأرض بخَلْق آدم عليه السلام؛ فاقتضت حكمة الله تعالى أن يعمر الأرض بالبشر؛ فخلق آدم، ولم يكن خلق آدم سرًّا أو أمرًا مكتومًا، وإنما لقي إشاعة للخبر وحوارًا بين الله وملائكته في شأن هذا المخلوق ووفائه بالالتزام لِما خلق له، ثم أُجري لهذا المخلوق حفلٌ تكريمي مهم، حضره كافة ملائكة الله وفيهم إبليس، وكان قمة التكريم لهذا المخلوق أن أمَر الله هؤلاء الحضور بالسجود لآدم، فسجد الملائكة كلهم أجمعون؛ طاعة لله، إلا إبليس، أبى أن يكون مع الساجدين، والقُرْآن الكريم يبين تسلسل خلق آدم من حين أن كان طينًا؛ قال الله تعالى: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن: 14، 15]، وفي الحديث أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اللهَ خلَق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض؛ فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك))، كما ورد أن الله خلَق آدم بيده، وشكله على الهيئة التي خلقه عليها، فكان نموذجًا، فبقي هكذا صلصالًا كالفخار أربعين سنة، فكان إبليس ينقر عليه بيده فيصدر صوتًا كما لو نقر على جرة من الفخار، ثم نفخ الله فيه الروح فسَرَتْ في جسمه حتى وصلت إلى رأسه، فعطس آدم، فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال الله تبارك وتعالى: يرحمك الله، وفي رواية: رحمك ربك يا آدم، وأما عن بدء خَلْق الإنسان، فقد قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ [السجدة: 6، 7]، وقد أخبر الله تعالى ملائكته أنه قضى وقدر خلق الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ [ص: 71]، فكان أصل هذا البشر (آدم)؛ حيث شكَّله الله تعالى بيديه، وتركه على باب الجنة صلصالًا كالفخار أربعين سنة، ولما نفخ فيه الرُّوح أمر الملائكة أن يسجدوا له سجودَ تكريم، كما أخبر الله تعالى ملائكته بمهمة هذا الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30]، واستفهام الملائكة بقولهم: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [البقرة: 30]، قياسًا منهم على ما كان من أمر الجن حين انفردوا بسكناها، فقتل بعضهم بعضًا، وسفَك بعضهم دماء بعض، والملائكة يتأذَّوْن من هذه المناظر كما يتأذَّوْن مما يُفعل على الأرض من منكَرات؛ فقد ورد في الأحاديث الشريفة ((أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو تمثال أو تصاوير، وأنها لا تصحب رفقة معهم كلب أو جرس))، وتتأذى من أكَلة الثُّوم أو البصل إذا دخلوا المسجد؛ ففي الحديث عند مسلم: ((مَن أكل البصل والثُّوم والكراث فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكةَ تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم))، وتتأذى من تعرِّي الإنسان إلا في الخلاء، وطُلب من الإنسان أن يستتر وهو في الحمام، وأن الملائكة الكرام الكاتبين لا تفارق الإنسان إلا عند الجنابة أو الغائط أو الغسل، فتبتعد عنه، وتتأذى من المنكَرات ومجالس اللهو والخَنا والمسكِرات والموبِقات، وهذا ما خشِيَتْه من هذا المخلوق الجديد لما أخبرها المولى - عز وجل - أنه سيستخلفه في الأرض، وأما من قال باعتراضهم على الله، أو عصيانهم عند سماع خبر إيجاد هذا المخلوق، فقوله: "وهمٌ" وخطأ؛ فهو لم يعرف طبيعة الملائكة؛ فالله خالقُهم قال عنهم: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6]، وكما ينزعجون من أخطاء الإنسان، يسعَدون أيضًا بطاعته وعبادته، ومجالس القُرْآن والذِّكر والعلم، ويقفون على أبواب المساجد يوم الجمعة يسجلون الحضور حسب تبكيرهم وقدومهم، فإذا صعِد الخطيب على المنبر طوَوْا صحفهم وجاؤوا يستمعون الذِّكر؛ قال ابن كثير في البداية والنهاية: ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة: 30]، فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم، كما يتوهَّمه بعض جهلة المفسرين، وأما جواب الله تعالى لهم: ﴿ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 30]، فليس تبرئة للإنس من سلوك هذا السبيل، وإنما لإعلامهم أن إخبارهم بما أراد هو للعلم لا للمشورة، وأن هذا النوع الذي سيخلف الجان في إعمار هذه الأرض سيكون من نوع مختلف عنكم وعن الجان، فإن كنتم من النوع الصرف الذي يوحد ولا يذنب، فإن المخلوق الجديد سيكون في امتحان عسير، يتنازعه طريقان، طريق الخير وطريق الشر، وأيهما غلب عليه سيحتم له المصير الأبدي؛ إما إلى جنة وإما إلى النار، وقولهم: ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [البقرة: 30]



رابط الموضوعhttps://www.alukah.net/sharia/0/122802/#ixzz6wKlG8DOV

ليست هناك تعليقات: