مشاركة واس

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين - أهلا وسهلا ومرحبا زائرنا الكريم .

احدث الموضوعات

الأحد، 2 أكتوبر 2016

الاثر الفورى للتشريعات

    الأثر الفوري للتشريعات

ورقة عمل قدمها السيد الأستاذ الدكتور /رمضان صديق

أستاذ التشريعات المالية والضريبية
رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة
كليه الحقوق جامعه حلوان
والمحامى لدى محكمة النقض والإدارية والدستورية العليا

بمؤتمر "فاعلية تطبيق النظام الضريبي المصري"
والذي نظمته الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب
نظرية الأثر الممتد واللاحق للقانون الجديد

ومدى تطبيقها ضريبياً

على الحالات السابقة على تاريخ العمل


بالقانون رقم 91 لسنة 2005وتعديلاته



مقدمه: الأثر الفوري للقانون الضريبي

من المعلوم أن من المبادئ الدستورية المستقرة أن لا تسرى القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، إعمالا للأثر الفوري المباشر للقانون ، أو عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو يتحقق من أوضاع ، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها ، إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين . ومع ذلك فإنه يجوز للسلطة التشريعية في غير المواد الجنائية ،ولاعتبارات من العدالة العامة تستقل هي بتقدير مبرراتها ودوافعها ، أن تجرى تطبيق حكم قانون معين على الوقائع السابقة بنص صريح فيه .

أي أن القانون يطبق بوجه عام على الوقائع والمراكز القانونية التي تتم بين تاريخ العمل به وإلغائه ، فيسرى القانون الجديد بأثر مباشر على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه ، ولا يسرى بأثر رجعى على الوقائع السابقة علية إلا إذا تقرر ذلك بنص خاص .

والقانون الضريبي كغيره من القوانين تسرى عليه القاعدة الدستورية التي تقضى بعدم رجعيه القوانين إلا في أحوال خاصة نصت عليها المادة 178 من الدستور بقولها :" لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها اثر فيما وقع قبلها ، ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية النص في القانون على خلاف ذلك بأغلبية أعضاء مجلس الشعب .

وتطبيقاً لذلك فقد قضى بأنه :" إذا كانت السنة المالية للشركة تنتهي في نهاية السنة الميلادية ، فإنه وإعمالا للأثر الفوري للقانون تخضع للضريبة الأرباح كاملة للقانون الساري في نهاية هذه السنة دون تجزئة للضريبة بالسعر المقرر في القانون الأخير ، ومن ثم فإن القضاء بتجزئة عمليات المنشاة ، ليخضع ثلثاها لقانون ، ويخضع الثلث الأخير لقانون أخر يكون قد خالف
القانون واخطأ فتطبيقه"
كما أفتت الجمعية العمومية بأن وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية هو الأرباح الصافية التي تتحقق في نهاية السنة الضريبية نتيجة مباشره النشاط الخاضع للضريبة خلال السنة بعد خصم جميع التكاليف ، فمن ثم لا يسرى القانون إلا على الأرباح التي تتحقق في نهاية السنة الضريبية ، ومن ثم يسرى القانون على الوقائع التي تكتمل بعد تاريخ نشر القانون .

ومع ذلك فإنه يلزم التعرف على قواعد إعمال الأثر الفوري ، وضوابط رجعيه القوانين في المجال الضريبي ، وذلك لتحديد القانون الواجب التطبيق على الوقائع والحالات التي بدأت قبل العمل بالقانون الجديد .
-------------------------------------------------------------------------------------------
أولاً : إعمال الأثر الفوري 

القاعدة في قوانين الضرائب ، كسائر القوانين ، أنها لا تسرى على الماضي، وليس لها اثر رجعى ،إذ لا تطبق إلا على الوقائع التي حدثت قبل صدورها حتى إلغائها ، فلا تمتد إلى الحوادث التي تقع بعد إلغائها ، ولا تنسحب إلى الحوادث التي وقعت قبل صدورها إلا إذا تضمن القانون نصاً على ذلك لمصلحة عامه تقتضى المساس بالحقوق المكتسبة.

ولا يعد من قبيل الأثر الرجعى أن يطبق القانون الجديد على وقائع بدأت في ظل القانون القديم ، إذ يكون القانون الجديد هو المعمول به بالنسبة للعناصر والآثار القانونية التي تنشأ أو تكتمل أو تتحقق في ظله .

وقد اعتبرت المحكمة الدستورية العليا أن فرض الضريبة بأثر رجعى ينافى العدالة الاجتماعية ، وذلك إذا كان قانون الضريبة منسحبا بأثره الرجعى إلى واقعة تتمخض تصرفا قانونيا نافذا ، وناقلاً للملكية ، وذلك إذا كان تكوينه قد اكتمل قبل صدور القانون الجديد ، وكان المكلف بأدائها قد استحال عليه بالنظر إلى طبيعتها أو مبلغها أن يتوقعها عقلاً ، حين نقل بإرادته ملكية هذا المال إلى غيره ، بل باغتته ولم يكن يحسب لها حسابا " 

كما ذهبت محكمة النقض إلى أن عدم رجعية القوانين الضريبية لا يقتصر على الضرائب العامة التي تقررها القوانين الصادرة من البرلمان ، وإنما تمتد كذلك إلى الضرائب التي تتقرر بناءً على قانون من جهات أخرى ، فإنه لا يجوز فيها تقرير الأثر الرجعى ، فإذا لم يوجد نص صريح على الرجعية وجب تطبيق المبدأ الأساسي في انعدام الأثر الرجعى .

التاريخ الذي يطبق فيه القانون بأثر فوري 

يحدد القانون تاريخ العمل به ، وهو غالباً ما يكون لاحقاً لنشر القانون في الجريدة الرسمية ،حتى يوفر للتشريع نوعاً من العلم يحول دون الاعتذار بالجهل به . ولا يجوز الاحتجاج فدى مواجهة الأفراد بهذه القوانين أو اللوائح المتممة لها إلا من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية ، وذلك حتى لا يلزم الأفراد بأمور لم يكن لهم سبيل إلى العلم بها .

وهذه القاعدة المنطقية تؤكد ضرورة توافر قدر من العلم لدى الأفراد بالقوانين أو اللوائح الجديدة قبل إلزامهم بأحكامها ، لا يجوز أن تتذرع بها جهة الإدارة فيما يتعلق بالقرارات التي تصدرها ، حيث تلزم الإدارة بقراراتها منذ تاريخ صدورها ولو لم تنشر في الجريدة الرسمية ، ومن ثم لا يقبل منها التحدي بعدم نفاذها لعدم نشرها ، لأنها تعتبر موجودة قانوناً بالنسبة إليها ، ويفترض علمها بها من تاريخ صدورها .

ويثير تطبيق القانون الضريبي الجديد مشكلات خاصة في تحديد تاريخ العمل به ، وفى بيان القانون الواجب التطبيق على الحالات أو الوقائع التي بدأت قبل العمل به ، نذكر منها :

ورأت الجمعية العمومية أن المشرع وقد حدد في القانون رقم 157 لسنة 1981 ميعاد الضريبة العامة على الإيراد اعتباراً من أول يناير 1981 ، وإن بدا أن المشرع قرر بذلك أثرا رجعياً في هذا الشأن إلا إنها ليست رجعيه حقيقية ، بل هي تأكيد للأثر المباشر للقانون مما يزيل أي لبس قد يثور في هذا الصدد .

ثانيا : مشكلات تطبيق الأثر الفوري في القانون الجديد 

على الرغم من أن القانون رقم 91 لسنة 2005 نص في المادة التاسعة من مواد إصداره على أن يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، أي اعتباراًً من 10/6/2005 ، إلا انه راعى أن بعض أنواع الدخول الخاضعة للضريبة لا تتحقق الواقعة للضريبة عليها إلا في تاريخ لاحق ، وأن دخولا أخرى كانت معفاة في ظل قوانين ألغيت لم تنته مدة إعفائها قد يؤدى تطبيق الأثر الفوري للقانون الضريبي الجديد أن تلغى أو تحرم من ميزه إعفائها ، فقرر لها حكما خاصا .

ومع ذلك يثير تطبيق الأثر الفوري للقانون التساؤل عن مدى تطبيقه على الإجراءات المتعلقة بوقائع سابقه عليه ، وكيفية إعمال مبدأ القانون الأصلح للمتهم على الجرائم الضريبية التي وقعت في ظل القانون القديم .

ونبين ذلك فيما يلي :---------------------

أ) ارتباط الأثر الفوري بتحقق الواقعة المنشئة للضريبة 

لكل ضريبة واقعه منشئه لها ، ويطبق الأثر الفوري للقانون على الوقائع المنشئة للضريبة التي تتم أو تكتمل في تاريخ العمل به، ولا تطبق بأثر رجعى على الوقائع المنشئة للضريبة التي تمت أو اكتملت قبل هذا التاريخ ، وإنما يسرى بشأنها القانون النافذ في تاريخ اكتمالها ، ذلك لأن الالتزام بالضريبة طبقاً للقانون السائد في وقت وجود الواقعة ، وليس طبقا لقانون لاحق .

أو بعبارة أخرى : فإن مركز الممول يتحدد في اللحظة التي يلتزم فيها بدين الضريبة، وهى ذات اللحظة التي يصبح للمصلحة حق في مطالبتها بالوفاء بها ، وذلك بمقتضى القانون الساري عندئذ .

ولقد قرر القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل تطبيق القانون الجديد على الممولين اللذين يزاولون نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو غير تجارى أو ثروة عقارية اعتباراً من الفترة الضريبية2005، أي على الأرباح أو الإيرادات التي تتحقق في نهاية السنة الضريبية التي تقفل حساباتها خلال عام 2005 

ومن ثم فإن المنشأة التي تبدأ سنتها الضريبية في أول يوليو 2004 وتنتهي في نهاية يونيو 2005 يسرى بشأنها القانون الجديد رقم 91 لسنة 2005 ، وليس في ذلك تطبيق للقانون بأثر رجعى على جزء من الإيرادات تحققت قبل تاريخ العمل به ، لان واقعة فرض الضريبة تحققت في تاريخ العمل به.

ولم يشأ المشرع أن يؤجل استحقاق الضريبة على المرتبات حتى نهاية السنة ، لما للضريبة على المرتبات من طبيعة خاصة ، فهي بطبيعتها تؤدى شهرياً ، وإن كانت التسوية النهائية لها تتم في نهاية السنة ، ومن ثم فقد قرر سريان الضريبة على المرتبات التي تستحق اعتباراً من أول الشهر التالي لتاريخ العمل بالقانون . ا ى اعتباراً من مرتبات شهر يوليو 2005، وحتى لا يحرم أصحاب هذه المرتبات من المزايا الإضافية التي منحها لهم القانون الجديد .

ومع ذلك فقد قررت المادة المشار إليها حكماً خاصاً بالأشخاص الاعتبارية التي تبدأ فترتها الضريبية بعد تاريخ العمل بالقانون ، أي بعد 10/6/2005 وقرر أن يسرى القانون بشأنها على تلك الفترة . ويستفيد من هذا الحكم المنشآت التي تبدأ فترتها الضريبية بعد 10/6/2005 

ويثور التساؤل عن الأشخاص الاعتبارية التي بدأت فترتها الضريبية قبل 10/6/2005 ، كالشركة التي تتخذ سنه متداخلة تبدأ من أول يوليو 2004 وتنتهي في 30/6/2005 ؟.

وقد ذهب رأى إلى أن الشخص الاعتباري الذي بدأت سنته الضريبية قبل 10/6/2005 لا يسرى عليه القانون الجديد رقم 91 لسنة 2005 ، كما لا يسرى بشأنه قانون الضرائب على الدخل السابق رقم 157 لسنة 1981 لأنه ألغى العمل به قبل إقفال ذلك الشخص لسنته المالية ، مما يعنى أن هذا الشخص أصبح معفى أو غير خاضع للضريبة .

بينما نرى أن الأخذ بهذا الرأي يعنى أن الأشخاص الاعتبارية التي بدأت سنتها الضريبية قبل 10/6/2005 قد استفادت من فراغ تشريعي ، وحصلت على إعفاء من الضريبة لم ينص القانون عليه صراحة . وأن منح الإعفاء في هذه الحالة يتعارض مع الدستور الذي يقرر في المادة 119 منه أن " إنشاء الضرائب وتعديلها وإلغاءها والإعفاء منها لا يكون إلا بقانون " أي لا يكون الإعفاء إلا بنص صريح في القانون .

ولما كانت الواقعة المنشئة للضريبة هو تحقق الربح أو الإيراد الصافي في نهاية السنة الضريبية ، وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض ، فإنه يتعين في هذا الصدد التفرقة بين :
1- 
الأشخاص الاعتبارية التي بدأت سنتها الضريبية وانتهت قبل 10/6/2005 تخضع لقانون الضرائب على الدخل السابق رقم 187 لسنة 1981 .

2- 
الأشخاص الاعتبارية التي تنتهي سنتها الضريبية في31 ديسمبر2005 أو بعد ذلك يطبق بشأنها قانون الضريبة على الدخل الحالي رقم 91 لسنة 2005 . إذ ساوت المادة التاسعة من مواد إصدار القانون الأخير بين الحالتين بقولها :" وتسرى بالنسبة إلى أرباح الأشخاص الاعتبارية اعتباراً من الفترة الضريبية 2005 أو الفترة الضريبية للشخص الاعتباري التي تبدأ بعد تاريخ العمل بهذا القانون ". إذ أن كلا الشخصين تنتهي سنته الضريبية بعد العمل بالقانون الجديد. ومن ثم تتحقق الواقعة المنشئة للضريبة عليه في ظل القانون الجديد.

ومن ثم تفسر هذه الفقرة على أن الشخص الاعتباري عامة الذي لم تنته سنته الضريبية قبل تاريخ العمل بالقانون الملغى رقم 157 لسنة 1981 تخضع لأحكام القانون الحالي رقم 91 لسنة 2005 سواء كانت فترتها الضريبية تحسب على أساس السنة الميلادية ، أو السنة المتداخلة.

بيد أن هذا القول يمكن أن يثير التساؤل عن الحكمة من المغايرة في النص بين الشخصين طالما أن الحكم بشأنها واحد ؟

والإجابة في نظرنا ترجح رغبة المشرع في التأكيد على أن الأشخاص الاعتبارية أياً كانت سنتها الضريبية ستستفيد من القانون الجديد وما يحمله من مزايا، سواء كانت تتبع السنة الميلادية أو المتداخلة .

وقد أكدت اللائحة التنفيذية هذا الرأي .

ب) الوقائع التي لم تكتمل في القانون القديم

تبدأ ولاية القانون الجديد ، بما له من اثر مباشر، من يوم نفاذه ، ليس فقط على ما سوف ينشأ من أوضاع قانونيه في ظله ، ولكن كذلك على الأوضاع القانونية التي بدأ تكوينها أو انقضاؤها في ظل الوضع القديم ، ولم يتم هذا التكوين أو الانقضاء إلا في ظل القانون الجديد ، وكذلك على الآثار المستقبلة لوضع قانوني سابق تكون أو انقضى ، أي على الآثار التي تترتب على هذا الوضع ، ابتداءً من يوم نفاذ القانون الجديد .

وتطبيقاً لذلك فقد رأى مجلس الدولة أنه : ولئن كان قانون الضرائب على الدخل رقم 187 لسنة 1993 – قد نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 31/12/1993 ومن ثم فإن تاريخ العمل بالقانون المذكور يتم اعتباراً من أول يناير 1994 وفقاً للمادة التاسعة منه ،وكانت واقعة التأخير عن أداء الضريبة المستحقة لعام 1993 قد نشأت واكتملت قبل صدور القانون رقم 187 لسنة 1993 إلا أن الأثر الممتد واللاحق لهذه الواقعة ، وهى استحقاق مقابل التأخير عن الضرائب المتأخرة لعام 1993 في أول يناير 1994 ، أي في ظل العمل بالقانون الجديد . ومن ثم فإن هذا القانون الأخير هو الذي يحكم وينظم ذلك الأثر سواء من حيث تحديد ميعاد استحقاق مقابل التأخير أو من حيث كيفية حساب ذلك المقابل .

تحصيل المتأخرات الضريبية 

وبنفس المنطق يمكن القول أنه وإن كان القانون رقم 1 لسنة 2007 المعدل لبعض أحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 2005 لسنه 2005 قد أضاف فقرة جديدة على المادة رقم 106 منه تقرر حق مصلحة الضرائب في استئداء المستحقات الضريبية وفقاً لقانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 على كافة الشركات والمنشآت بغض النظر عن نظامها القانوني ، فإن ذلك يعنى إن الضرائب التي تحددت على هذه المنشآت والشركات يمكن تحصيلها وفقاً لقانون الحجز الإداري ، وهو ما كان ممنوعاً على مصلحة الضرائب من قبل إعمالاً للقانون رقم 94 لسنة 2005 الذي كان يمنح الشركات ضمانة عدم جواز الحجز الإداري عليها .

وليس في الحجز الإداري على الشركات لتحصيل ضرائب سابقه على إعمال القانون رقم 91 لسنة 2005 تطبيق للقانون رقم 1 لسنة 2007 بأثر رجعى ، ذلك لان واقعة فرض الضريبة التي نشأت في سنوات سابقه عن سنه 2007 لم تكتمل بالتحصيل حتى صدر القانون رقم 1 لسنة 2007 ، مما يؤدى إلى تطبيق الأثر الممتد واللاحق للقانون الأخير على تلك الواقعة .

ولأن القول بغير ذلك يعنى إسقاط كافة المتأخرات الضريبية التي للخزانة العامة على الممولين إذا كانت الضرائب تتعلق بسنوات سابقه على القانون الحالي ، وهو ما لم يقل به احد ، في ظل التعديلات والتغييرات العديدة التي تمت على قوانين الضرائب منذ تاريخ صدورها عام 1939 ، ولأن هذا الإسقاط يعنى إعفاء من الضريبة لا يجد سنداً صريحاً له في القانون الحالي مما يجعله مخالفاً لنص المادة 119 من الدستور التي تقضى بعدم إلغاء الضريبة إلا بقانون .

وليس للمعارضين التمسك بما ورد في صدر الفقرة الأولى من المادة 106 المشار إليها ، والتي تنص على انه يسرى في تحصيل الضرائب المستحقة وفقاً لهذا القانون أحكام الحجز الإداري ، بمقولة أن سريان قواعد الحجز الإداري تطبق فقط على الضرائب المستحقة وفقاً للقانون رقم 91 لسنة 2005 ذلك لان عبارة " هذا القانون " الواردة في هذه المادة لا تلغى ما له من اثر ممتد ولاحق على الضرائب المستحقة بقوانين سابقه عليه إعمالاً للتطبيق الصحيح لقاعدة الأثر الفوري للقوانين، ومن تصبح كافة الضرائب التي لم تحصل حتى تاريخ العمل بالقانون الجديد داخله في معنى الضرائب المستحقة وفقاً له ، لآن استحقاق الضريبة اثر لفرضها ، وهذا الأثر لا يزال ممتداً في ظل القانون الجديد .

ج ) الاحتفاظ بالمراكز القانونية المستقرة

احتراماً لمصداقية التشريع الضريبي ، وحفاظاً على الحقوق المكتسبة التي اكتسبها الممولون من تطبيق القانون ، وخشية أن يؤدى تطبيق القانون الجديد بأثر فوري إلى حرمان هؤلاء الممولين من حقوقهم ، فقد قرر القانون حكماً خاصاً بالإعفاءات الضريبية التي حصل عليها الممولون في ظل قانون الضرائب السابق رقم 157 لسنة 1981 ، وتلك المقررة بقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ، ثم نص على إلغائها القانون الجديد رقم 91 لسنة 2005 .

إذ يؤدى مقتضى تطبيق الأثر الفوري للقانون الجديد أن تلغى الإعفاءات الممنوحة لأولئك الممولين منذ تاريخ العمل به ، ولو لم تنته المدد الممنوحة لهم . وعلاجاً لهذا الوضع فقد ميز القانون في المادتين الثانية والثالثة من مواد إصداره بين نوعين من الإعفاءات المؤبدة أو التي ليس لها مدد تنتهي عندها ، والإعفاءات المؤقتة أو محددة المدة ، فقرر إلغاء جميع الإعفاءات التي ليس لها مدد محددة والتي كان ينص قانون الضرائب السابق على منحها . ومن أمثلتها الإعفاء الذي كان مقرراً بنص الفقرة (1) من المادة 120 بما يعادل الفائدة على رأس المال من أرباح شركات الأموال .

أما الإعفاءات المؤقتة التي منحتها المنشآت أو الشركات تطبيقاً لقانون الضرائب على الدخل الملغى أو لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار ولم تنته المدد المحددة لها ، فتظل سارية حتى تنهى مددها .

كما أخذ المشرع في المادة السابعة من مواد إصدار القانون بمبدأ التدرج في حرمان الأشخاص من ميزة خصم كافة العوائد المستحقة على القروض والسلفيات التي حصلت عليها ، والتي تقررت لها بموجب قانون الضرائب على الدخل الملغى ، وتهيئتها للخصم المحدود لهذه العوائد بما لا يجوز أربعة أمثال متوسط حقوق الملكية كما تقضى بذلك المادة (52) من القانون الحالي . وذلك بأن وضع جدولاً زمنياً للتدرج الزمني في الحرمان من هذه الميزة يبدأ في السنة الضريبية 2005 يحق للممول بمقتضاه خصم ما يعادل ثمانية أمثال متوسط حقوق الملكية ، تأخذ بالتناقض سنوياً حتى تنتهي بالخصم المقرر في حدود أربعة أمثال متوسط حقوق الملكية في السنة الضريبية 2009 وما بعدها. 

ولم يشأ المشرع أن يقصر ميزة التمتع بالإعفاءات الملغاة على المنشآت والشركات الاستثمارية التي زاولت نشاطها وبدأت التمتع بالإعفاءات قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد ، وإنما شمل أيضا المنشآت والشركات التي أنشئت وفقاً لأحكام قانون الاستثمار ولم تبدأ مزاولة نشاطها أو إنتاجها ، على الرغم من إنها لم تكتسب حقاً يلزم الحفاظ عليه ، بل كانت متعلقة بمجرد الأمل في أن تتمتع بالإعفاء حال مزاولتها للعمل ، فقرر القانون الجديد منحها فرصة التمتع بالإعفاءات المؤقتة الملغاة إذا تمكنت من أن تبدأ مزاولة نشاطها أو إنتاجها خلال مده أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ العمل بالقانون . وبالتالي فلا يكون لتلك المنشآت الحق في المطالبة بالإعفاء إذا تراخت عن بدء عملها حتى نهاية 9/6/2008.

د- تطبيق الإجراءات الجديدة على الوقائع القديمة

وضع قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 قاعدة مؤداها سريان الإجراءات الجديدة على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ، وذلك فيما عدا ما تقرره بنص خاص ، كما أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص القانون على غير ذلك .

ذلك لأن القوانين المنظمة لأصول التداعي والترافع والحكم وطرق الطعن والتنفيذ والتحفظ هي في عمومها قوانين منظمه لمراكز قانونيه خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشرع .

وتطبيقاً لذلك فقد قضت محكمة النقض بأن " مقتضى الأثر الفوري للقانون أن يسرى على كل واقعه تعرض فور نفاذه ولو كانت ناشئة عن مركز قانوني وجد قبل هذا التاريخ ، ومن ثم فإن إجراءات الطعن المنصوص عليها في القانون رقم 14 لسنة 1939 لا يكون لها محل بعد إلغاء هذا القانون بمقتضى القانون رقم 157 لسنة 1981 

ولا يغير من ذلك العمل بأحكام الضريبة على المرتبات المنصوص عليها في القانون رقم 14 لسنة 1939 على السنوات المالية السابقة على 1981/1982 طبقاً لنص البند الثالث من المادة الخامسة من مواد إصدار قانون الضرائب على الدخل إذ ينصرف ذلك إلى القواعد الموضوعية . أما إجراءات الخصومة فتخضع للقانون رقم 157 لسنة 1981 إذا بدأت في ظله ، ولا يعتبر ذلك انسحاباً لأثر القانون الجديد على الماضي ، وإنما تطبيقاً للأثر الفوري لهذا القانون " 

كما قضت بأن القانون رقم 146 لسنة 1950 استحدث أوضاعاً جديدة لتحديد أرباح شركات المساهمة وربط الضريبة عليها وأدائها وإجراءات الطعن في هذا الربط والجهة المختصة بنظره ، وهى واجبة التطبيق ، وتسرى بأثر فوري على جميع الحالات التي لم يكن قد تم ربط الضريبة فيها قبل العمل بتاريخ هذا القانون .

أما الأحكام الموضوعية التي تحدد نطاق الضرائب وسعرها ووعاءها والإعفاء منها والتزامات الممولين وأحكام ربطها وأدائها ، يسرى بشأنها القانون القديم على الوقائع التي تمت في ظله ، ولا يسرى القانون الجديد إلا على السنوات التي تحاسب ضريبياً وفقاً لأحكامه .

ومؤدى ذلك أن ما استحدثه قانون الضرائب الجديد رقم 91 لسنة 2005 يطبق على الحالات التي لم ينته الفصل فيها قبل تاريخ العمل بهذا القانون . ومن ذلك إتباع النص على جواز مد ميعاد تقديم الإقرار إذا كان ميعاد تقديمه يحل بعد 9/6/2005 ولو كان عن سنه سابقه ، والاكتفاء بالاعتراض أو الطعن على نموذج واحد بدلاً من نموذجي 18و19 ضرائب المقررين في القانون السابق .

كما استلزم تطبيق الإجراءات الجديدة اختصاص لجان الطعن المشكلة على نحو جديد مختلف في القانون الجديد على الحالات التي تحال إلى لجان الطعن اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 2005 ، إلا أن المشرع ارتأى أن يؤجل إعمال هذه القاعدة حيثما تتمكن وزارة المالية من إعادة تشكيل اللجان وتنظيمها بصورتها الحديثة ، فقرر في المادة الثانية من مواد الإصدار بأن يلغى قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 على أن تستمر لجان الطعن المشكلة وفقاً لأحكام قانون الضرائب على الدخل المشار إليه حتى 31 ديسمبر سنة 2005 في النظر في المنازعات الضريبية المتعلقة بالسنوات حتى نهاية 2004 ، وبعدها تحال المنازعات التي لم يتم الفصل فيها بحالتها إلى اللجان المشكلة طبقاً لأحكام القانون المرافق .

وقد قضى بأن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 في الطعون الضريبية المتعلقة بضرائب الأرباح التجارية والصناعية قبل 1981/ 10/ 11 تاريخ العمل بقانون الضرائب على الدخل بالقانون رقم 157 لسنة 1981 – لا يرجع فيه إلى القواعد السابقة على العمل بهذا القانون إلا إذا كان ميعاد الاستئناف قد بدأ قبل العمل به وذلك بإعلان الحكم الصادر من محكمة أول درجه عملاً بنص المادة 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ، فإن لم يكن الميعاد قد بدأ على هذا النحو سرت أحكام القانون الجديد ووجب سريان ميعاد الاستئناف المنصوص عليه في المادة 227 من قانون المرافعات من تاريخ العمل بالقانون الجديد في 1981/10/11 مما مؤداه أن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة في الطعون الضريبية المتعلقة بضريبة الأرباح التجارية والصناعية وفقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1939 – ولم تعلن 1981 / 10/ 11 – هو أربعون يوماً تبدأ من التاريخ المذكور .

هـ  تطبيق القانون الأصلح المتهم 

تنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات على أنه " إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره " 

وبالنظر إلى أن قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 قد ألغى تجريم بعض الأفعال التي كانت مؤثمة بقانون الضرائب على الدخل الملغى رقم 157 لسنة 1981 ، ومنها جرائم عدم تقديم إقرار الثورة ، وجريمة عدم إرفاق صوره من الأوراق والمستندات المطلوبة بالإقرار، وجريمة عدم اعتماد الإقرار الضريبي من محاسب ، وجريمة عدم تبليغ المأمورية المختصة عن عناصر الوحدات المفروشة وعدم إخطار مالك الأرض أو مستأجرها عن بيانات الغراس وجريمة عدم الحصول على بطاقة ضريبية ، وجريمة عدم الإضافة تحت حساب الضريبة .

كما خفف القانون الجديد العقوبات التي كانت مقرره للبعض الأخر ، حيث أزال وصف الجناية عن بعضها وأسبغ وصف الجنحة كجريمة إخفاء الوقائع التي علمها المحاسبون والمراجعون أثناء تأدية عملهم ، وجريمة التهرب من أداء الضريبة ، وجريمة الامتناع عن تقديم إخطار مزاولة النشاط .
كما عدل من العناصر اللازمة لقيام بعض الجرائم بما يجعلها غير مؤثمة في أحوال معينه ، ومن ذلك جريمة عدم إمساك الدفاتر والسجلات التي أضحت غير مؤثمة ما لم يتجاوز رأس مال الممول في النشاط خمسين ألف جنيه ، كما لم تعد جريمة عدم الالتزام بالخصم تحت حساب الضريبة مؤثمة إذا كان نصاب مبلغ الخصم لا يزيد على ثلاثمائة جنيه بدلاً من عشر جنيهات في القانون الملغى .

ورأت النيابة العامة أن هذه الأحكام تجعل قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 هو القانون الأصلح للمتهم في هذه الحالات ، مما يقتضى قيد الجريمة المخفف عقابها والتي لم يتم التصرف فيها على إنها جنحة بدلاً من الجناية ، أو التصرف في الأفعال التي لم تعد مؤثمه بالحفظ إذا كنت لا تزال تحت نظر النيابة العامة ، أو الاقتراح بأن لا وجه لإقامة الدعوى إذا كانت هذه الجرائم قد أحيلت إلى المحكمة ، أو الحكم بالبراءة إذا كانت منظورة أمام القضاء ، أو الأمر بوقف تنفيذ العقوبة إذا كانت الدعوى قد صدر بشأنها حكم ولو كان باتاً .

ويخالف هذا الرأي بعض اتجاهات الفقه والقضاء التي تفرق بين النصوص الجديدة التي تغير أو تعدل في السياسة التشريعية المرتبطة بالعقوبة الاقتصادية وبين تعديل أو تغيير في تفصيلات هذه السياسة فقط، ففي الحالة الأولى يعتبر تخفيف العقوبة أو إلغائها تبعاً لتغيير السياسة أو تعديلها قانوناً أصلح للمتهم ، فالقانون الذي يخرج سلعة من التسعير الجبري اللاحق على ارتكاب جريمة البيع بأزيد من التسعيرة يعتبر قانوناً أصلح للمتهم لأنه يتضمن تغييراً في سياسة المشرع تجاه هذه السلعة ، أما القانون الذي يرفع سعر السلعة إلى الحد الذي يساوى أو يزيد عن سعرها الذي باعها به المخالف للتسعيرة قبل تعديلها لا يعد قانوناً أصلح له ، لأن المشرع لم يغير من سياسته في تسعير هذه السلعة وإنما غير فقط في تفصيلاتها .

وتطبيقاً لهذا الرأي فإن القانون الأصلح للمتهم هو القانون الذي يقرر عدم العقاب على جريمة معينه ، أو التي يغير وصفها من جناية إلى جنحة أما الجرائم التي عدل بعض عناصرها بحيث لو طبقت على المتهم في تاريخ تعديلها ما خضع للعقاب لا تعتبر قانوناً أصلح بالنسبة إليه ، بحسبان أن المشرع لم يغير نظرته أو سياسته في كونها عملاً مجرماً ، وأن نطاق التعديل ينبغي تطبيقه بأثر فوري ، وليس بأثر رجعى ليستفيد منه المتهم في الجريمة قبل تعديل عناصرها .

ذلك أن الضريبة العامة على الدخل أو الإيراد لا يتحدد وعاؤها إلا في نهاية السنة الضريبية التي تستحق عنها الضريبة وليس قبل ذلك ، فإن كانت التصرفات والأعمال والوقائع المنشئة للإيراد والدخل في أثناء السنة إنما تتوالى على أساس ما يخضع له من ضرائب نوعية قد يحقق بعضها الربح والبعض الخسارة ، ويتقاضى هذا بذلك ، ولا يتحدد الموقف النهائي للربح أو الخسارة ، ويتحقق على وجه القطع تحقق الإيراد والدخل للضريبة ومقداره أو عدم تحققه ، فالوقائع والأعمال والتصرفات المختلفة التي تتم خلال السنة الضريبية ، أو حتى وقائع منشئة لاستحقاق الضريبة ولكن الضريبة مستحقة على الوعاء السنوي الذي يتكون من صافى مجموع ما تحققه هذه الوقائع من ربح بعد تقاضى الأرباح والخسائر إن وجدت .

وذهبت مصلحة الضرائب إلى أن فروق المرتبات التي تستحق عن سنوات سابقه تعتبر إيراداً في السنة التي يتم صرفها ، أو التي يتم وضع المبالغ خلالها تحت تصرف صاحب الشأن ، ومن ثم تخضع للضريبة النوعية المفروضة على المرتبات وما في حكمها بالسعر السائد في تلك السنة .
و - تعديل مدة التقادم

كذلك قضت محكمة النقض بان مضى المدة المكسبه للملكية أو المسقطة للحق إذا ابتدأت تحت سلطان قانون قديم ، ولم يتم ، ثم جاء قانون جديد فعدل شروطها أو مداها ، فالقانون الجديد هو الذي يسرى وتدخل المدة التي انقضت تحت سلطان القانون القديم في حساب المدة التي قررها القانون الجديد.