مشاركة واس

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين - أهلا وسهلا ومرحبا زائرنا الكريم .

احدث الموضوعات

السبت، 15 أغسطس 2015

قضية رقم 70 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



قضية رقم 70 لسنة 18 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
  عدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين، بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك


جلسة 3 نوفمبر سنة 2002 برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبدالقادر عبدالله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وحضور السيد المستشار الدكتور / عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر قاعدة ( 100 ) القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية " دستورية " 1- دستور " المادة الثانية: مبادىء الشريعة الإسلامية: الأحكام القطعية: الاجتهاد: الأحكام الظنية: اجتهاد ولى الأمر ". مبادىء الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع. المادة الثانية من الدستور. مؤدى ذلك: لا يجوز لنص تشريعى يصدر فى ظل هذه المادة أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها معاً. أساس ذلك: هذه الأحكام الظنية تمثل ثوابت الشريعة فلا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً. نطاق الاجتهاد: حصره فى الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو دلالتها أو بهما معاً. علة ذلك: مواجهة تغير الزمان والمكان وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد. التزام ولى الأمر بمباشرة هذا الاجتهاد حرصاً على مصلحة الجماعة. 2- شريعة إسلامية " عقود: عقد الايجار: امتداده: الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 ". الوفاء بالعقود وإنفاذ آثارها. حكم قطعى الثبوت للعقود كافة، ظنى الدلالة فى شأن مدة عقد الإيجار. وجوب أن يكون مؤقتاً. امتداد عقد الإيجار إلى ذوى قربى المستأجر الأصلى المنصوص عليهم فى الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، لا ينفى خضوعهم لأسباب الاخلاء الواردة بالمادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 متى توافرت شروط إحداها. نص الفقرة الأولى من المادة (29) المار ذكرها لم يخرج عن دائرة تأقيت عقد الإيجار. تحميله انتهاء العقد على وقائع عديدة. مؤدى ذلك: عدم خروجه على اجتهاد الفقهاء، وعدم مخالفته حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة. 3، 4- دستور " حق الملكية: التضامن الاجتماعى: تشريع: الامتداد القانونى لعقد الإيجار- ضرورة اجتماعية ". الملكية الخاصة "صونها". المادتان (34،32) من الدستور. 3- كفالة الدستور للملكية الخاصة وحمايتها، لا يحول دون تحميله ببعض القيود تاكيداً لمبدأ التضامن الاجتماعى. قاعدة الامتداد القانونى، قيامها نتيجة الخلل بين المعروض من الوحدات السكنية وبين حجم الطلب عليها. أساسها: أقارب المستأجرين المحددين فى النص كانوا محل اعتبار جوهرى عند تعاقده. قصد المشرع من تقرير هذه القاعدة: صون أمن المجتمع وسلامته إعمالاً لمبدأ التضامن الاجتماعى. 4- تجاوز الامتداد القانونى لعقد الإيجار ضرورته الاجتماعية، تحوله إلى عقد منشىء لعلاقة إيجارية جديدة لأقارب المستأجر الأصلى. عدوان على حق الملكية الخاصة. مخالفة المادتين (32، 34) من الدستور. 6،5- دعوى دستورية "حكم: الأثر الرجعى: تحديد تاريخ آخر لسريان الحكم ". تشريع: الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977. 5- الحكم بعدم دستورية نص. أثره: عدم تطبيق النص على الوقائع التالية لليوم التالى على نشر هذا الحكم والوقائع السابقة على النشر. الاستثناء: الحقوق والمراكز المستقرة أو تحديد الحكم تاريخاً آخر لسريانه. المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا. 6- إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977. أثره: إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة تنال من مأوى الأسرة. تحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخاً لسريانه. مؤداه: استمرار قيام العقود المبرمة قبل هذا التاريخ وفقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (29) سالفة الذكر، وكذلك الوقائع التى ترتب عليها التزام المؤجر بتحرير عقود إيجار. 7- عقد الإيجار – مدته – اجتهاد . إن عقد الإيجار قد رحبت الآفاق فيه لاجتهاد الفقهاء وحدهم، وقادهم اجتهادهم فى شأن مدته إلى القول بوجوب أن يكون مؤقتاً. 8- عقد الإيجار – امتداده – أسباب الإخلاء . إن امتداد عقد الإيجار إلى ذوى القربى المنصوص عليهم فى الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 لا ينفى خضوعهم لأسباب الإخلاء المنصوص عليها فى المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981. 9- عقد الإيجار – امتداده – الضرورات الاجتماعية. ما أملى على المشرع المصرى تقرير قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار، سواء للمستأجر الأصلى أو ذوى قرباه المقيمين معه ممن حددتهم الفقرة الأولى المشار إليها، هو ضرورة اجتماعية. 10- عقد الإيجار – امتداده – التضامن الاجتماعى . تبنى المشرع المصرى قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار منذ التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن الصادرة أثناء الحرب العالمية الثانية. 1- وحيث إنه عن النعى بمخالفة الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 للشريعة الإسلامية فإنه مردود، ذلك أنه ولئن كان القانون الأخير قد صدر فى ظل حكم المادة الثانية من الدستور عندما كان يجرى نصها على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع" وقبل التعديل الدستورى الصادر سنة1980، والذى جعل حكم هذا النص أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع "، بما يجعل النص الطعين بمنأى عن الخضوع للنص الدستورى الأخير، إلا أنه حتى لو خضع له، بتصور أن إحالة المادة (18) من القانون 136 لسنة 1981 إليه تؤدى إلى ذلك، فإن النعى عليه بمخالفة الشريعة الإسلامية يبقى مردوداً، ذلك أن النص فى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى عام 1980 على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع "، يدل، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، على أنه لا يجوز لنص تشريعى يصدر فى ظله أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها معاً، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يمتنع الاجتهاد فيها لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، أما الأحكام غير القطعية فى ثبوتها أو فى دلالتها أو فيهما معاً، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير الزمان والمكان، وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد، وهو اجتهاد إن كان جائزاً ومندوباً من أهل الفقه، فهو فى ذلك أوجب وأولى لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءاً لمفسدة أو جلباً لمنفعة أو درءاً وجلباً للأمرين معاً. 2- الحكم قطعى الثبوت فى شأن العقود كافة، هو النص القرآنى الكريم : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " آية رقم (1) سورة المائدة، وقد اختلف الفقهاء اختلافاً كبيراً فيما هو مقصود بالعقد فى تفسير الآية الكريمة، ونضحت كتب المفسرين بهذا الاختلاف الذى كشف عن ظنية دلالة النص بالرغم من قطعية ثبوته، وَرَجُحَ متفقاً عليه بعد كل خلاف أن النص قد تضمن أمراً بتنفيذ العقود قاطبة وإنفاذ آثارها، وهو أمر يشمل عقد الزواج الذى عنى العزيز الحكيم بترتيب أحكامه، كما يشمل العقود المالية التى اتفق الفقهاء على أن إرادة المتعاقدين فيها لها سلطان مادامت لا تخالف أمراً مقرراً بنص قطعى فى ثبوته ودلالته. وحيث إن عقد الإيجار قد رحبت الآفاق فيه لاجتهاد الفقهاء وحدهم، وقادهم اجتهادهم فى شأن مدته إلى القول بوجوب أن يكون مؤقتاً، أما المدة التى يؤقت إليها فقد اختلفوا فيها اختلافاً شديداً، ومن ذلك قولهم أنه يجوز إجارة العين المدة التى يعيش إليها المتعاقدان عادة، كما أن التأقيت قد يكون بضرب أجل ينتهى بحلوله العقد، أو بجعل أجله مرهوناً بحدوث واقعة محمولة على المستقبل. وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 المطعون عليها إذ يجرى على أنه " لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك "، فإن النص بذلك يتصل فى حكمه بحكم المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 الذى يجرى صدرها على أنه " لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية …………" وفى بيان هذه الأسباب يأتى البند (ج) من هذه المادة لينص على أن من بينها: " ج إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر …… أو …… أو …… وذلك دون إخلال بالحالات التى يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشاً أو تركه لذوى القربى وفقاً لأحكام المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977"، بما مؤداه أن المشرع إذ قرر امتداداً قانونياً لعقد الإيجار فى شأن المستأجر الأصلى وفقاً لحكم المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981، فإنه قد سحب هذا الامتداد إلى زوجه وأولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه فى العين المؤجرة حتى وفاته أو تركه العين، بحيث تغدو المسألة الدستورية المطروحة هى بيان ما إذا كان امتداد العقد حتى نهاية إقامة ذوى القربى المشار إليهم فى الفقرة الأولى المطعون عليها، بالوفاة أو الترك، هى تأبيد لعقد الإيجار أم أنه يظل مؤقتاً مرهوناً أجله بحدوث واقعة محمولة على المستقبل. وحيث إن امتداد عقد الإيجار إلى ذوى القربى المنصوص عليهم فى الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 لا ينفى خضوعهم لأسباب الإخلاء المنصوص عليها فى المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 إذا توافرت شروط إحداها، فينتهى العقد بتوافر هذا السبب، كما يتصل بذلك أن يطلب آخر من تقرر الامتداد لمصلحته منهم إنهاء العقد، ثم يتحقق التأقيت النهائى للعقد بوفاة آخر من تقرر الامتداد القانونى لمصلحته من ذوى القربى المشار إليهم أو تركه العين المؤجرة، إذ كان ذلك كله، فإن نص الفقرة الأولى من المادة (29) المطعون عليه، لا يكون قد خرج عن دائرة تأقيت عقد الإيجار، بحمل انتهائه على وقائع عديدة أقصاها وفاة آخر من امتد العقد لمصلحته من ذوى قرابة المستأجر الأصلى المحددين فى النص الطعين، أو تركه العين المؤجرة، ويكون النص المطعون عليه بذلك وفيما أتاه من حكم حتى لم يخرج عن دائرة ما اجتهد فيه الفقهاء وكان له أن يخرج ولم يخالف حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، بما لا يكون معه قد خالف الشريعة الإسلامية بأى وجه من الوجوه. 3- حيث إنه عن النعى بمساس نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بحق الملكية وإخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعى، فإنه بدوره مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الدستور قد كفل حق الملكية الخاصة، وحوطه بسياج من الضمانات التى تصون هذه الملكية وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه فى ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعى لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التى تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، وطالما لم تبلغ هذه القيود مبلغاً يصيب حق الملكية فى جوهره أو يعدمه جل خصائصه، إذ كان ذلك وكان ما أملى على المشرع المصرى تقرير قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار، سواء للمستأجر الأصلى أو ذوى قرباه المقيمين معه ممن حددتهم الفقرة الأولى المشار إليها، هو ضرورة اجتماعية شديدة الإلحاح تمثلت فى خلل صارخ فى التوازن بين قدر المعروض من الوحدات السكنية وبين حجم الطلب عليها، وهو خلل باشرت ضغوطه الاجتماعية آثارها منذ الحرب العالمية الثانية، وكان تجاهلها يعنى تشريد آلاف من الأسر من مأواها بما يؤدى إليه ذلك من تفتيت فى بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته ممن لا يملكون المأوى ومن يملكونه، وهو ما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعى، لذلك فقد تبنى المشرع المصرى قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار منذ التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن الصادرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وحتى النص الطعين مراعياً فى سريان الامتداد إلى ذوى قربة المستأجر المحددين فى النص الطعين أنهم كانوا محل اعتبار جوهرى عند التعاقد، وقد قصد المشرع بذلك كله أن يصون للمجتمع أمنه وسلامته محمولين على مبدأ التضامن الاجتماعى. وحيث إنه يبين مما تقدم أن نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 لم يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يتضمن مساساً بحق الملكية الخاصة أو إخلالاً بمبدأ التضامن الاجتماعى، وإذ كان لا يخالف أى نص دستورى آخر، فإنه يتعين القضاء برفض الطعن عليه. 4- إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن عينتهم الفقرة الأولى من المادة (29) المشار إليها، وبالشروط الواردة فى هذه الفقرة، وتوقف نص الفقرة الثالثة من المادة (29) عند هذا الحد، من شأنه أن يفضى بهذا النص إلى دائرة عدم الدستورية، ذلك أن الانتقال بالعقد الذى حرر لمصلحة أى من أقارب المستأجر الأصلى المحددين على النحو سالف الذكر من أن يكون سنداً لشغله العين، لأن يصبح عقداً منشئاً لعلاقة ايجارية جديدة، المستأجر الأصلى فيها هو القريب الذى حرر العقد لمصلحته، مؤداه أن يسرى حكم الفقرة الأولى من المادة (29) على أقارب هذا القريب المقيمين معه حسبما حددهم هذا النص عند وفاته أو تركه العين، بما يترتب عليه نهوض حكم الفقرة الثالثة ليلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار جديد لهم أو لأيهم، ثم يستمر الأمر متتابعاً فى حكمه، متعاقباً من جيل إلى جيل، لتحل به نتيجة محققة هى فقدان المؤجر وبتقدير أنه المالك للعين المؤجرة أو للحق فى التأجير جل خصائص حق الملكية على ما يملكه، وفيما يتجاوز أية ضرورة اجتماعية تجيز تحميل حق الملكية بهذا القيد، ذلك أن القيد الذى يحتمله حق الملكية فى هذا الشأن، هو تقرير امتداد قانونى لعقد الإيجار يستفيد منه المستأجر الأصلى وفقاً لحكم المادة (18) من القانون 136 لسنة 1981 كما يستفيد منه ذوو قرباه المقيمون معه من زوج وأبناء ووالدين وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977، حيث كانت إقامتهم معه محل اعتبار جوهرى عند التعاقد، بما ينهض مبرراً لهذا القيد وفى إطار أزمة الإسكان التى جعلت المعروض من وحداته دون حجم الطلب عليها، فإذا تجاوز الأمر هذا الحد، وانقلب القيد الذى تبرره هذه الضرورة الاجتماعية إلى فقدان المؤجر جل خصائص حق الملكية على العين المؤجرة، ولمصلحة من لم تشملهم الفقرة الأولى من ذات النص ولم يكن محل اعتبار عند التعاقد على التأجير، فإن الأمر يغدو عدواناً على حق الملكية الخاصة وهو ما يتعارض مع الأوضاع الخاصة بهذا الحق والحماية المقررة له بموجب أحكام المادتين (32، 34) من الدستور، ويوقع حكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى حمأة مخالفة الدستور، وهى مخالفة توجب القضاء بعدم دستوريتها فيما لم تتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لأقارب المستأجر الأصلى المقيمين معه وقت وفاته أو تركه العين والمحددين فى الفقرة الأولى من المادة (29) من ذات القانون ، بانتهاء إقامة آخر هؤلاء الأقارب، سواء بالوفاة أو تركه العين. 5- حيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو عدم تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالى لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا ما استقر من حقوق ومراكز صدرت بشأنها أحكام حازت قوة الأمر المقضى ، أو إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخاً آخر لسريانه. 6- إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 وعلى ما انتهت إليه المحكمة فى هذه الأسباب، مؤداه إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة ، تصيب فئات عريضة من القاطنين بوحدات سكنية تساندوا فى إقامتهم بها إلى حكم هذا النص قبل القضاء بعدم دستوريته، وهى خلخلة تنال من الأسرة فى أهم مقومات وجودها المادى، وهو المأوى الذى يجمعها وتستظل به، بما تترتب عليه آثار اجتماعية تهز مبدأ التضامن الاجتماعى الذى يقوم عليه المجتمع وفقاً لما نصت عليه المادة السابعة من الدستور، إذ كان ذلك فإن المحكمة ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد لسريان هذا الحكم تاريخاً آخر هو اليوم التالى لنشره، بما مؤداه أن جميع العقود التى أبرمت قبل هذا التاريخ إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وتنزل منزلتها الوقائع التى ترتب عليها قيام التزام على المؤجر بتحرير عقود إيجار ، فتعد عقوداً قائمة حكماً حيث كان يجب تحريرها ، وتظل قائمة ومنتجة لكافة آثارها القانونية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (29) المشار إليها. 7- أما المدة التى يؤقت إليها فقد اختلفوا فيها اختلافاً شديداً، ومن ذلك قولهم أنه يجوز إجارة العين المدة التى يعيش إليها المتعاقدان عادة، كما أن التأقيت قد يكون بضرب أجل ينتهى بحلوله العقد، أو بجعل أجله مرهوناً بحدوث واقعة محمولة على المستقبل. 8- إذا توافرت شروط إحداها، فينتهى العقد بتوافر هذا السبب، كما يتصل بذلك أن يطلب آخر من تقرر الامتداد لمصلحته منهم إنهاء العقد، ثم يتحقق التأقيت النهائى للعقد بوفاة آخر من تقرر الامتداد القانونى لمصلحته من ذوى القربى المشار إليهم أو تركه العين المؤجرة. 9- تمثلت الضرورة الاجتماعية فى خلل صارخ فى التوازن بين قدر المعروض من الوحدات السكنية وبين حجم الطلب عليها، 10- حتى النص الطعين مراعياً فى سريان الامتداد إلى ذوى قربة المستأجر المحددين فى النص الطعين أنهم كانوا محل اعتبار جوهرى عند التعاقد، وقد قصد المشرع بذلك كله أن يصون للمجتمع أمنه وسلامته محمولين على مبدأ التضامن الاجتماعى. الإجراءات بتاريخ السابع والعشرين من يونيو سنة 1996، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنتاه من عدم انتهاء عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقيت فيها زوجته أو أولاده أو أى من والديه، الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وإلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم حق الاستمرار فى شغل العين. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم. المحكمة بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعيين كانا قد أقاما على المدعى عليهما الرابع والخامسة الدعوى رقم 14328 لسنة 1989 إيجارات أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ابتغاء الحكم بإخلائهما من الشقة المؤجرة إلى مورثهما، وقالا بياناً للدعوى أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 28/9/1957 استأجر مورث المدعى عليهما الشقة رقم 3 بالعقار المملوك لهما وإذ توفى إلى رحمة الله سنة 1969، فقد أقام المدعيان دعواهما المشار إليها، فواجهها المدعى عليهما بدعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المدعيين بتحرير عقد إيجار لهما عن العين المؤجرة لمورثهما استناداً إلى المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977. حكمت المحكمة فى الدعوى الأصلية برفضها وفى الدعوى الفرعية بإلزام المدعيين فى الدعوى الأصلية بتحرير عقد إيجار للمدعى عليهما الأخيرين عن شقة النزاع. طعن المدعيان على هذا الحكم بالاستئناف رقم 8100 لسنة 109 ق. وأثناء نظره دفع الحاضر عن المدعيين بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977. وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع صرحت لهما بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاما الدعوى الماثلة. وحيث إن المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص فى فقرتها الأولى مقروءة على هدى أحكام هذه المحكمة فى القضايا أرقام 56 لسنة 18 ق. دستورية، 6 لسنة 9 ق. دستورية، 3 لسنة 18 ق. دستورية، 44 لسنة 17 ق. دستورية، 116 لنة 18 ق. دستورية على أنه : " لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا معه حتى الوفاة أو الترك " وتنص فى الفقرة الأخيرة على أن: " وفى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق فى الاستمرار فى شغل العين. ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد ". وحيث إن المدعيين ينعيان على النصين الطعينين خروجهما على أحكام الشريعة الإسلامية التى اتخذها الدستور فى المادة الثانية المصدر الرئيسى للتشريع. كما ينعيان عليهما انتهاكهما للحماية الدستورية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة بمادتيه (32، 34)، فضلاً عن مخالفتهما لمبدأ التضامن الاجتماعى المنصوص عليه بالمادة السابعة من الدستور. وحيث إنه عن النعى بمخالفة الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 للشريعة الإسلامية فإنه مردود، ذلك أنه ولئن كان القانون الأخير قد صدر فى ظل حكم المادة الثانية من الدستور عندما كان يجرى نصها على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع" وقبل التعديل الدستورى الصادر سنة 1980، والذى جعل حكم هذا النص أن " مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع "، بما يجعل النص الطعين بمنأى عن الخضوع للنص الدستورى الأخير، إلا أنه حتى لو خضع له، بتصور أن إحالة المادة (18) من القانون 136 لسنة 1981 إليه تؤدى إلى ذلك، فإن النعى عليه بمخالفة الشريعة الإسلامية يبقى مردوداً، ذلك أن النص فى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى عام 1980 على أن " مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع "، يدل، وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، على أنه لا يجوز لنص تشريعى يصدر فى ظله أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها معاً، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يمتنع الاجتهاد فيها لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً، أما الأحكام غير القطعية فى ثبوتها أو فى دلالتها أو فيهما معاً، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير الزمان والمكان، وتطور الحياة وتنوع مصالح العباد، وهو اجتهاد إن كان جائزاً ومندوباً من أهل الفقه، فهو فى ذلك أوجب وأولى لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءاً لمفسدة أو جلباً لمنفعة أو درءاً وجلباً للأمرين معاً. إذ كان ذلك، وكان الحكم قطعى الثبوت فى شأن العقود كافة، هو النص القرآنى الكريم : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " آية رقم (1) سورة المائدة، وقد اختلف الفقهاء اختلافاً كبيراً فيما هو مقصود بالعقد فى تفسير الآية الكريمة، ونضحت كتب المفسرين بهذا الاختلاف الذى كشف عن ظنية دلالة النص بالرغم من قطعية ثبوته، وَرَجُحَ متفقاً عليه بعد كل خلاف أن النص قد تضمن أمراً بتنفيذ العقود قاطبة وإنفاذ آثارها، وهو أمر يشمل عقد الزواج الذى عنى العزيز الحكيم بترتيب أحكامه، كما يشمل العقود المالية التى اتفق الفقهاء على أن إرادة المتعاقدين فيها لها سلطان مادامت لا تخالف أمراً مقرراً بنص قطعى فى ثبوته ودلالته. وحيث إن عقد الإيجار قد رحبت الآفاق فيه لاجتهاد الفقهاء وحدهم، وقادهم اجتهادهم فى شأن مدته إلى القول بوجوب أن يكون مؤقتاً، أما المدة التى يؤقت إليها فقد اختلفوا فيها اختلافاً شديداً، ومن ذلك قولهم أنه يجوز إجارة العين المدة التى يعيش إليها المتعاقدان عادة، كما أن التأقيت قد يكون بضرب أجل ينتهى بحلوله العقد، أو بجعل أجله مرهوناً بحدوث واقعة محمولة على المستقبل. وحيث إن نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 المطعون عليها إذ يجرى على أنه " لا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك "، فإن النص بذلك يتصل فى حكمه بحكم المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 الذى يجرى صدرها على أنه " لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية …… " وفى بيان هذه الأسباب يأتى البند (ج) من هذه المادة لينص على أن من بينها: "ج إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر .… أو .… أو .... وذلك دون إخلال بالحالات التى يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشاً أو تركه لذوى القربى وفقاً لأحكام المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977"، بما مؤداه أن المشرع إذ قرر امتداداً قانونياً لعقد الإيجار فى شأن المستأجر الأصلى وفقاً لحكم المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981، فإنه قد سحب هذا الامتداد إلى زوجه وأولاده أو أى من والديه الذين كانوا يقيمون معه فى العين المؤجرة حتى وفاته أو تركه العين، بحيث تغدو المسألة الدستورية المطروحة هى بيان ما إذا كان امتداد العقد حتى نهاية إقامة ذوى القربى المشار إليهم فى الفقرة الأولى المطعون عليها، بالوفاة أو الترك، هى تأبيد لعقد الإيجار أم أنه يظل مؤقتاً مرهوناً أجله بحدوث واقعة محمولة على المستقبل. وحيث إن امتداد عقد الإيجار إلى ذوى القربى المنصوص عليهم فى الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 لا ينفى خضوعهم لأسباب الإخلاء المنصوص عليها فى المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 إذا توافرت شروط إحداها، فينتهى العقد بتوافر هذا السبب، كما يتصل بذلك أن يطلب آخر من تقرر الامتداد لمصلحته منهم إنهاء العقد، ثم يتحقق التأقيت النهائى للعقد بوفاة آخر من تقرر الامتداد القانونى لمصلحته من ذوى القربى المشار إليهم أو تركه العين المؤجرة، إذ كان ذلك كله، فإن نص الفقرة الأولى من المادة (29) المطعون عليه، لا يكون قد خرج عن دائرة تأقيت عقد الإيجار، بحمل انتهائه على وقائع عديدة أقصاها وفاة آخر من امتد العقد لمصلحته من ذوى قرابة المستأجر الأصلى المحددين فى النص الطعين، أو تركه العين المؤجرة، ويكون النص المطعون عليه بذلك وفيما أتاه من حكم حتى لم يخرج عن دائرة ما اجتهد فيه الفقهاء وكان له أن يخرج ولم يخالف حكماً شرعياً قطعى الثبوت والدلالة، بما لا يكون معه قد خالف الشريعة الإسلامية بأى وجه من الوجوه. وحيث إنه عن النعى بمساس نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بحق الملكية وإخلاله بمبدأ التضامن الاجتماعى، فإنه بدوره مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الدستور قد كفل حق الملكية الخاصة، وحوطه بسياج من الضمانات التى تصون هذه الملكية وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه فى ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعى لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التى تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، وطالما لم تبلغ هذه القيود مبلغاً يصيب حق الملكية فى جوهره أو يعدمه جل خصائصه، إذ كان ذلك وكان ما أملى على المشرع المصرى تقرير قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار، سواء للمستأجر الأصلى أو ذوى قرباه المقيمين معه ممن حددتهم الفقرة الأولى المشار إليها، هو ضرورة اجتماعية شديدة الإلحاح تمثلت فى خلل صارخ فى التوازن بين قدر المعروض من الوحدات السكنية وبين حجم الطلب عليها، وهو خلل باشرت ضغوطه الاجتماعية آثارها منذ الحرب العالمية الثانية، وكان تجاهلها يعنى تشريد آلاف من الأسر من مأواها بما يؤدى إليه ذلك من تفتيت فى بنية المجتمع وإثارة الحقد والكراهية بين فئاته ممن لا يملكون المأوى ومن يملكونه، وهو ما يهدر مبدأ التضامن الاجتماعى، لذلك فقد تبنى المشرع المصرى قاعدة الامتداد القانونى لعقد الإيجار منذ التشريعات الاستثنائية لإيجار الأماكن الصادرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وحتى النص الطعين مراعياً فى سريان الامتداد إلى ذوى قربة المستأجر المحددين فى النص الطعين أنهم كانوا محل اعتبار جوهرى عند التعاقد، وقد قصد المشرع بذلك كله أن يصون للمجتمع أمنه وسلامته محمولين على مبدأ التضامن الاجتماعى. وحيث إنه يبين مما تقدم أن نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 لم يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، ولم يتضمن مساساً بحق الملكية الخاصة أو إخلالاً بمبدأ التضامن الاجتماعى، وإذ كان لا يخالف أى نص دستورى آخر، فإنه يتعين القضاء برفض الطعن عليه. وحيث إنه عن النعى بمخالفة نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 للشريعة الإسلامية. ومساسه بحق الملكية الخاصة ومخالفته لمبدأ التضامن الاجتماعى، فإنه إذ جرى حكم هذا النص على أنه " وفى جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق فى الاستمرار فى شغل العين. ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد " فإن حقيقة هذا الحكم، وفى إطار عبارات النص، لم تتجاوز حدود حكم الفقرة الأولى من المادة (29) الذى انتهت المحكمة على ما سلف إلى دستوريتها، ذلك أن الأمر لم يتجاوز بهذا الحكم أن يُمنح من استمر عقد الإيجار لمصلحته من أقارب المستأجر الأصلى الذين عينتهم الفقرة الأولى، سنداً لشغله العين المؤجرة، ويتمثل هذا السند فى عقد الإيجار الذى ألزم النص المؤجر بتحريره، كما قرر تضامناً بين الأقارب شاغلى العين فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن هذا العقد، وفى هذا الإطار وحده تغدو الأسباب التى كشفت عن موافقة حكم الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977، للدستور وعدم تعارضها مع أى من أحكامه، هى بذاتها الأسباب التى يتساند إليها الإبقاء على نص الفقرة الثالثة من المادة (29) المشار إليها فى حدود العبارات التى أوردتها. وحيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أن إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن عينتهم الفقرة الأولى من المادة (29) المشار إليها، وبالشروط الواردة فى هذه الفقرة، وتوقف نص الفقرة الثالثة من المادة (29) عند هذا الحد، من شأنه أن يفضى بهذا النص إلى دائرة عدم الدستورية، ذلك أن الانتقال بالعقد الذى حرر لمصلحة أى من أقارب المستأجر الأصلى المحددين على النحو سالف الذكر من أن يكون سنداً لشغله العين، لأن يصبح عقداً منشئاً لعلاقة ايجارية جديدة، المستأجر الأصلى فيها هو القريب الذى حرر العقد لمصلحته، مؤداه أن يسرى حكم الفقرة الأولى من المادة (29) على أقارب هذا القريب المقيمين معه حسبما حددهم هذا النص عند وفاته أو تركه العين، بما يترتب عليه نهوض حكم الفقرة الثالثة ليلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار جديد لهم أو لأيهم، ثم يستمر الأمر متتابعاً فى حكمه، متعاقباً من جيل إلى جيل، لتحل به نتيجة محققة هى فقدان المؤجر وبتقدير أنه المالك للعين المؤجرة أو للحق فى التأجير جل خصائص حق الملكية على ما يملكه، وفيما يتجاوز أية ضرورة اجتماعية تجيز تحميل حق الملكية بهذا القيد، ذلك أن القيد الذى يحتمله حق الملكية فى هذا الشأن، هو تقرير امتداد قانونى لعقد الإيجار يستفيد منه المستأجر الأصلى وفقاً لحكم المادة (18) من القانون 136 لسنة 1981 كما يستفيد منه ذوو قرباه المقيمون معه من زوج وأبناء ووالدين وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977، حيث كانت إقامتهم معه محل اعتبار جوهرى عند التعاقد، بما ينهض مبرراً لهذا القيد وفى إطار أزمة الإسكان التى جعلت المعروض من وحداته دون حجم الطلب عليها، فإذا تجاوز الأمر هذا الحد، وانقلب القيد الذى تبرره هذه الضرورة الاجتماعية إلى فقدان المؤجر جل خصائص حق الملكية على العين المؤجرة، ولمصلحة من لم تشملهم الفقرة الأولى من ذات النص ولم يكن محل اعتبار عند التعاقد على التأجير، فإن الأمر يغدو عدواناً على حق الملكية الخاصة وهو ما يتعارض مع الأوضاع الخاصة بهذا الحق والحماية المقررة له بموجب أحكام المادتين (32، 34) من الدستور، ويوقع حكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى حمأة مخالفة الدستور، وهى مخالفة توجب القضاء بعدم دستوريتها فيما لم تتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لأقارب المستأجر الأصلى المقيمين معه وقت وفاته أو تركه العين والمحددين فى الفقرة الأولى من المادة (29) من ذات القانون ، بانتهاء إقامة آخر هؤلاء الأقارب، سواء بالوفاة أو تركه العين. وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو عدم تطبيق النص المقضى بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالى لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر إلا ما استقر من حقوق ومراكز صدرت بشأنها أحكام حازت قوة الأمر المقضى ، أو إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخاً آخر لسريانه، لما كان ذلك وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 وعلى ما انتهت إليه المحكمة فى هذه الأسباب، مؤداه إحداث خلخلة اجتماعية واقتصادية مفاجئة ، تصيب فئات عريضة من القاطنين بوحدات سكنية تساندوا فى إقامتهم بها إلى حكم هذا النص قبل القضاء بعدم دستوريته، وهى خلخلة تنال من الأسرة فى أهم مقومات وجودها المادى، وهو المأوى الذى يجمعها وتستظل به، بما تترتب عليه آثار اجتماعية تهز مبدأ التضامن الاجتماعى الذى يقوم عليه المجتمع وفقاً لما نصت عليه المادة السابعة من الدستور، إذ كان ذلك فإن المحكمة ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد لسريان هذا الحكم تاريخاً آخر هو اليوم التالى لنشره، بما مؤداه أن جميع العقود التى أبرمت قبل هذا التاريخ إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وتنزل منزلتها الوقائع التى ترتب عليها قيام التزام على المؤجر بتحرير عقود إيجار ، فتعد عقوداً قائمة حكماً - حيث كان يجب تحريرها-، وتظل قائمة ومنتجة لكافة آثارها القانونية وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة (29) المشار إليها. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة : أولاً : بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذى يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق فى شغل العين، بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة. ثانياً : بتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره

عدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986



قضية رقم 202 لسنة 28 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

  عدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من ديسمبر سنة 2009م، الموافق التاسع عشر من ذى الحجة سنة 1430 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : السيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهانى محمد الجبالى ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 202 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / -----------------------------------------------------------------------------------
ضد
1
السيد وزير العدل
2
السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء
3
السيد محافظ القليوبية
4
السيد رئيس شعبة الفحص بالجهاز المركزى للمحاسبات فرع القليوبية
الإجراءات
بتاريخ الحادى عشر من ديسمبر 2006 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وكذا قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور، وما فى حكمها ………………. .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى ، على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لمحافظة القليوبية ، وقد أسند إليه الإشراف على بعض المشروعات الخاصة بصندوق خدمات المحافظة ، مقابل مكافآت معينة ، وإذ وردت مناقضة من الجهاز المركزى للمحاسبات ، مفادها أنه تقاضى ما يزيد على الحد الأقصى للمبالغ المقرر صرفها ، طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 فى شأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها فى الحكومة ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات ، والمؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات . فقد أصدر محافظ القليوبية قراراً بوقف صرف أية مبالغ له ، وتجنيبها بالحسابات الدائنة بديوان المحافظة ، فأقام المدعى ، أمام محكمة القضاء الإدارى " دائرة القليوبية " ، الدعوى رقم 1593 لسنة 5 قضائية ، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المشار إليه . وأثناء نظرها ، دفع بعدم دستورية كل من القانون رقم 105 لسنة 1985 ، وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار إليهما . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إنه عن دفع هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى ، بمقولة أن محكمة الموضوع صرحت بإقامة الدعوى الدستورية ، دون أن يثير المدعى ، أمامها ، دفعاً بعدم دستورية النصوص المطعون فيها ، فهو مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بأن ولايتها فى مجال الفصل فى المسائل الدستورية ، التى تطرح عليها ، مناطها اتصالها بها ، وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى المادة (29) من قانونها ، وذلك إما بإحالة هذه المسائل إليها من محكمة الموضوع ، لتقول كلمتها فيها ، وإما من خلال دفع بعدم دستورية نص قانونى ، يبديه خصم ، أثناء نظر نزاع موضوعى ، وتقدر المحكمة جديته ، لترخص ، بعدئذ ، لهذا الخصم وخلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر برفع دعواه الدستورية ، فى شأن المسائل التى تناولها هذا الدفع . وهذه الأوضاع الإجرائية سواء ما تعلق منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية ، أو بميعاد رفعها تُعد من النظام العام ، باعتبارها من الأشكال الجوهرية ، التى تغيا بها المشرع مصلحة عامة ، حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها ، وفى الموعد الذى حدده . وإذ الثابت أن المدعى أثناء نظر الدعوى الموضوعية ، قدم بجلسة 18/5/2006 مذكرة ، ضمنها دفعاً بعدم دستورية القانون رقم 105 لسنة 1985 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، فقدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وقررت بجلسة 19/10/2006 إعادة الدعوى للمرافعة ، وتأجيلها إلى جلسة 18/1/2007 ، مع منح المدعى مهلة ثلاثة أشهر لرفع دعواه الدستورية ، فأقام دعواه الماثلة ، ومن ثم فإن هذه الدعوى قد أقيمت بالطريق القانونى ، طبقاً لنص البند ( ب ) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع .
وحيث إن القانون رقم 105 لسنة 1985 المطعون فيه قد تضمن ثلاث مواد ، جرت نصوصها على النحو الآتى :
المادة الأولى :
يلغى العمل بالقانون رقم 113 لسنة 1961 بعدم جواز زيادة ما يتقاضاه رئيس أو عضو مجلس الإدارة ، أو العضو المنتدب ، أو أى شخص ، يعمل فى هيئة أو مؤسسة عامة ، أو شركة ، أو جمعية ، عن خمسة آلاف جنيه سنوياً ، ويتجاوز عن استرداد ما تم صرفه بالمخالفة لأحكام القانون الملغى .
المادة الثانية :
يضع مجلس الوزراء الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز ، أو بأى صورة أخرى .
المادة الثالثة :
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره .
وإعمالاً لنص المادة الثانية المشار إليها ، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، معدلاً بقراره 234 لسنة 2000 ، متضمناً النصوص الآتية :
المادة الأولى :
لا يجوز أن يزيد على أربعة وخمسين ألف جنيه سنوياً ، مجموع ما يتقاضاه أى شخص ، يعمل فى الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو بنوك القطاع العام ، أو هيئات القطاع العام وشركاته ، بصفته عاملاً ، أو مستشاراً ، أو بأى صفة أخرى ، سواء صرفت إليه المبالغ بصفة مرتبات ، أو مكافآت ، أو بدلات ، أو حوافز ، أو بأى صورة أخرى .
ويزاد هذا المبلغ سنوياً ، بمقدار الزيادة ، التى تقررها الدولة ، بمقتضى قوانين العلاوات الخاصة .
وتستثنى من ذلك المبالغ ، التى تصرف مقابل نفقات فعلية ، مؤداة فى صورة بدل سفر ، أو مصاريف انتقال ، أو إقامة ، متى كان صرفها فى حدود القواعد والنظم المعمول بها فى هذه الجهات .
المادة الثانية :
على الجهات المنصوص عليها فى المادة السابقة ، أن تقوم بإبلاغ الجهة التابع لها العامل ، بجميع المبالغ ، التى يتقاضاها منها ، فى أية صورة كانت ، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صرفها .
المادة الثالثة :
يحسب الحد الأعلى ، على أساس ما يستحقه العامل فى سنة ميلادية كاملة . وتجرى المحاسبة فى نهاية شهر ديسمبر من كل سنة .
ويؤول إلى الخزانة العامة ، المبلغ ، الذى يزيد على الحد الأعلى .
المادة الرابعة :
على وزير المالية إصدار القرارات والتعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار .
المادة الخامسة :
ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ، ويُعمل به من السنة الميلادية الحالية .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ارتباطها بالمصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها ، والمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول أحقية المدعى فى صرف المبالغ المستحقة له كمكافآت ، مقابل إشرافه على بعض المشروعات الخاصة بصندوق خدمات محافظة القليوبية ، التى يعمل سكرتيراً عاماً مساعداً لها ، والتى تجاوزت الحد الأعلى للأجور المنصوص عليه فى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، وكان القانون رقم 105 لسنة 1985 قد خول ، بمادته الثانية ، مجلس الوزراء وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز ، أو بأى صورة أخرى ، فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة فى اختصام تلك المادة ، وكذلك طعنه بعدم دستورية كامل نصوص قرار رئيس مجلس الوزراء السالف ذكرها ، تكون متوافرة ، وبذلك يتحدد نطاق هذه الدعوى .
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام المواد (13 ، 23 ، 32 ، 34 ، 122 ) من الدستور لإهدارها حقى العمل والملكية ، وذلك بحرمان العامل من أجره ، الذى يستحقه نتيجة عمله ، وتسلب السلطة التشريعية من اختصاصها الأصيل بتفويضها مجلس الوزراء فى وضع الحد الأعلى للأجور .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدستور عهد بنص المادة (122) إلى المشرع بتعيين القواعد ، التى تتقرر بموجبها ، على خزانة الدولة ، المرتبات ، والمعاشات ، والتعويضات ، والإعانات ، والمكافآت ، وتنظيم حالات الاستثناء منها ، والجهات التى تتولى تطبيقها ، لتهيئة الظروف الأفضل ، التى تفى باحتياجات من تقررت لمصلحتهم ، وتكفل مقوماتها الأساسية ، التى يتحررون بها من العوز ، وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم ، والارتقاء بمعيشتها . ومقتضى هذا أن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصاً ما ، بوضع القواعد المشار إليها فيما تقدم ، وأن هذه القواعد يتعين أن تتولاها السلطة التشريعية ، بما تصدره من قوانين . متى كان ذلك ، وكان المقرر أنه إذا ما أسند الدستور تنظيم حق من الحقوق إلى السلطة التشريعية ، فلا يجوز لها أن تتسلب من اختصاصها ، وتُحيل الأمر ، برمته ، إلى السلطة التنفيذية ، دون أن تقيدها ، فى ذلك ، بضوابط عامة ، وأسس رئيسية ، تلتزم بالعمل فى إطارها ، فإذا ما خرج المشرع على ذلك ، وناط بالسلطة التنفيذية تنظيم حق من أساسه ، كان متخلياً عن اختصاصه الأصيل ، المقرر بالمادة 86 من الدستور .
وحيث إن نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 ، فيما فوض مجلس الوزراء فى وضع الحد الأعلى لمجموع ما يتقاضاه العاملون فى الحكومة ، أو وحدات الحكم المحلى ، أو الهيئات ، أو المؤسسات العامة ، أو الشركات ، أو الجمعيات ، فى صورة مرتبات ، أو بدلات ، أو مكافآت ، أو حوافز ، أو بأى صورة أخرى ، دون وضع الضوابط العامة أو الأسس الرئيسية ، التى تنظم موضوع الحد الأعلى لما يتقاضاه هؤلاء العاملون من مرتبات وما فى حكمها مما سلف ذكره ، على الرغم من أنها تمثل عبئاً مالياً على خزانة الدولة ، فإن مسلكه ، فى هذا الشأن يكون مخالفاً لنصى المادتين (86 ، 122) من الدستور .
وحيث إن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 المشار إليه ، قد وضع الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها لمن حددته المادة الأولى منه ، ونظم أحكامه وكان يستند فى ذلك إلى السلطة المخولة له بالمادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 سالف الذكر ؛ فإن القضاء بعدم دستوريتها يترتب عليه ، لزوماً ، سقوط ذلك القرار .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 105 لسنة 1985 بشأن الحد الأعلى للأجور ، وما فى حكمها ، فى الحكومة ، ووحدات الحكم المحلى ، والهيئات و المؤسسات العامة ، والشركات ، والجمعيات ، وسقوط قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 615 لسنة 1986 ، وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأماكن الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكن

 قضية رقم 116 لسنة 27 قضائية المحكمة الدستورية العليا ”دستورية
 عدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأماكن الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصى والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 116 لسنة 27 قضائية “دستورية”.
المقامة من
السيد/ --------------------------------------------------------

ضد
1 –
السيد رئيس الجمهورية
2 –
السيد رئيس مجلس الوزراء
3 –
السيد وزير العدل
4 –
السيد / أسامه محمد حسنى حماد
5 –
السيدة/ نوال محمد إبراهيم شتا

الإجراءات
بتاريخ الثامن عشر من مايو سنة 2005، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 747 لسنة 2004 مدنى أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، بطلب الحكم بطرد المدعى عليه الرابع من الشقة المؤجرة له وتسليمها له خالية، وقال بياناً لذلك، أنه اشترى العقار المبين بالأوراق من المدعى عليها الخامسة، وكان المدعى عليه الرابع يستأجر إحدى وحداته لاستعمالها سكناً خاصاً، وإذ تبين له ان المستأجر قام بتغيير جزئى للاستعمال إلى غير أغراض السكنى دون موافقة المالك، فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته السالفة.
وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه – وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه “وفى الأحوال التى يتم فيها تغيير استعمال العين إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة 1-……………. 2-………………. 3-……………. 4-…………….
ونصت الفقرة الثانية فيها محل الطعن الماثل على أنه:-
وفى حالة التغير الجزئى للاستعمال يستحق المالك نصف النسب المشار إليها. ويشترط ألا يترتب على تغيير الاستعمال كلياً أو جزئياً إلحاق ضرر بالمبنى أو بشاغليه وتلغى المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون”.
ومؤدى هذا النص أن تغيير استعمال العين المؤجرة سكناً إلى غير غرض السكنى غدا رخصة للمستأجر يجوز له أن يستعملها –دون توقف على إرادة مالكها-وذلك بعد إلغائه صراحة المادة (23) المشار إليها التى كانت تشترط موافقة المالك على هذا التغيير، وهو ما أكدته أعماله التحضيرية على ما يبين من مضبطة الجلسة رقم (69) لمجلس الشعب المعقودة بتاريخ 22 يونيه سنة 1981 والتقارير الملحقة به.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إنه إذ منح المستأجر حرية تغيير استعمال جزء من العين المؤجرة سكناً إلى غرض آخر دون موافقة المالك، فقد تمخض عدواناً على الملكية التي يحميها الدستور، منشئاً بذلك حقوقاً مبتدأة للمستأجر لا يتوازن بها مركزه القانوني مع المؤجر، ولا يقيم علاقتهما ببعض على أساس من التضامن الاجتماعي، مخالفاً بذلك أحكام الشرعية الإسلامية ومهدراً مبدأ حرية التعاقد الذي هو فرع من الحرية الشخصية المكفولة بنص المادة 41 من الدستور.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان على البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغي أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائناً يحمل على ما لا يرضاه.
وحيث إن حرية التعاقد – بهذه المثابة - فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فهي كذلك وثيقة الصلة بالحق فى الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود – المبنية على الإرادة الحرة - فيما بين أطرافها، بيد أن هذه الحرية – التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها – لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها، ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محدداً بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التى تباشر فيها الإرادة سلطانها، ولا أن تخلط بين المنفعة الشخصية التي يجنيها المستأجر من عقد الإيجار – والتى انصرفت إليها إرادة المالك عند التأجير – وبين حق الانتفاع كأحد الحقوق المتفرغة عن الملكية.
وحيث إن النص المطعون فيه خول المستأجر تغيير استعمال جزء من عين كان قد استأجرها مسكناً إلى غير غرض السكنى، وكان هذا النص – وباعتباره واقعاً في إطار القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية، قد استهدف إسقاط شرط موافقة المالك على قيام المستأجر بهذا التغير، وكان حق المستأجر لا زال حقاً شخصياً مقصوراً على استعمال عين بذاتها فيما لا يجاوز الغرض الذي أجُرت من أجله، فلا يمتد إلى سلطة تغير جزء من استعمالها بغير موافقة مالكها، وبالمخالفة لشرط اتصل بإجارة أبرماها معاً، صريحاً كان هذا الشرط أم ضمنياً، فإن هذا النص يكون متضمناً عدواناً على الحدود المنطقية التي تعمل الإرادة الحرة في نطاقها، والتي لا تستقيم الحرية الشخصية – فى صحيح بنيانها بفواتها – فلا تكون الإجارة إلا إملاء يناقض أساسها.
وحيث إن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير صور الانتفاع بها، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.
وحيث إن مكنة استغلال الأعيان ممن يملكونها من خلال عقود إجارة إنما تعنى حقهم فى اختيار من يستأجرونها من ناحية، والغرض من استعمالها من ناحية أخرى، وكانت حريتهم فى هذا الاختيار جزءا لا يتجزأ من حق الاستغلال الذي يباشرونه أصلاً عليها، وكان من المقرر أن لحقوق الملكية –بكامل عناصرها- قيما مالية يجوز التعامل فيها، وكان الأصل أن يظل مؤجر العين متصلاً بها، فلا يعزل عنها من خلال سلطة مباشرة يمارسها آخرون عليها بناء على نص في القانون، بيد أن النص المطعون فيه أجاز للمستأجر بإرادته المنفردة الحق في تغيير استعمال جزء من العين إلى غير غرض السكنى، في إطار علائق إيجازية شخصية بطبيعتها، مهدراً كل إرادة لمؤجرها في مجال القبول بهذا التغيير أو الاعتراض عليه.
وحيث إن مقتضى ما نص عليه الدستور في المادة (7) من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعنى وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، وترابط أفرادها فيما بينهم فلا يكون بعضهم لبعض إلا ظهيراً، ولا يتناحرون طمعا، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم عن حماية تلك المصالح، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها –عدواناً- أكثر علواً، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق وتتهيأ منها تلك الحماية التى ينبغى أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا فى كنفها الأمن والاستقرار.
وحيث إن النص المطعون فيه، ليس إلا حلقة فى اتجاه عام تبناه المشرع أمداً طويلاً في إطار من مفاهيم تمثل ظلماً لمؤجرين ما برح المستأجرون يرجحون عليهم مصالحهم. متدثرين في ذلك بعباءة قوانين استثنائية جاوز واضعوها بها حدود الاعتدال فلا يكون مجتمعهم معها إلا متحيفاً حقوقاً ما كان يجوز الإضرار بها، نائياً بالإجارة عن حدود متطلباتها، وعلى الأخص ما تعلق منها بتعاون طرفيها اقتصادياً واجتماعياً، حتى لا يكون صراعهما – بعد الدخول في الإجارة- إطاراً لها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه مخالفاً للمواد 7، 32، 34، 41 من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأماكن الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من عدم اشتراط موافقة المؤجر عند تغيير المستأجر استعمال جزء من العين المؤجرة إلى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

قضية رقم 310 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"










قضية رقم 310 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
http://www.justice-lawhome.com/

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008 م ، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى وعلى عوض محمد صالح وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى .
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 310 لسنة 24 قضائية " دستورية " .
المقامة من السادة



-
-
-

 
ضد
1
السيد رئيس مجلس الوزراء .
2
السيدة وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية بصفتها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية .
3
السيد مدير عام منطقة التأمينات الاجتماعية بالمنوفية .
4
السيد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج .

الإجراءات

بتاريخ التاسع عشر من ديسمبر سنة 2002 أودع المدعون صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادة (2) من القانون رقم 30 لسنة 1992 الخاص بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى ، والفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .

وقدمت شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج مذكرة طلبت فيها إخراجها من الدعوى .
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى ، وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى عدة مذكرات طلبت فى ختام آخرها بعد فتح باب المرافعة بناء على طلبها الحكم أصلياً برفض الدعوى ، واحتياطياً فى حالة الحكم بعدم الدستورية تقرير تنفيذ الحكم بعد سنة من تاريخ نشره دون أن يكون له أثر رجعى تقليصاً للآثار المالية الخطيرة على صندوق التأمين الاجتماعى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
وحيث إن الوقائع على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 190 لسنة 2002 مدنى كلى شبين الكوم ضد السيدة وزيرة التأمينات الاجتماعية وآخرين بطلب الحكم بأحقية كل منهم فى صرف نسبة 80% من قيمة العلاوات الخاصة عن السنوات من 1996 حتى تاريخ إحالتهم للمعاش المبكر فى 28/8/2002 واعتبار هذه النسبة عنصراً أساسياً وجزءاً لا يتجزأ من معاشهم من المعاش الشهرى لكل منهم وبأثر رجعى اعتباراً من تاريخ الإحالة إلى المعاش المبكر ومستقبلاً وإعمال كل ما يترتب على ذلك من آثار ، ثم أضافوا طلباً عارضاً بإلزام المدعى عليهم بأن يردوا لكل طالب نسبة ال 5% من الأجر المتغير التى تم خصمها بدون وجه حق عن كل سنة من تاريخ إحالة كل منهم للمعاش المبكر وحتى تاريخ بلوغ كل منهم سن الستين ، على سند من أنهم كانوا من العاملين بشركة مصر شبين الكومع89 9 للغزل والنسيج ومنذ تاريخ تعيينهم وهم مشتركون فى نظام التأمين الاجتماعى ومنتظمون فى سداد اشتراكات التأمين سواء عن الأجر الأساسى أو الأجور المتغيرة مضافاً إليها العلاوات الخاصة ، وتنفيذاً لسياسة الخصخصة تقدموا باستقالاتهم بالإحالة للمعاش المبكر على أن تتم تسوية معاشهم وصرف كافة المستحقات المقررة لهم إلا أنهم فوجئوا بقيام هيئة التأمين الاجتماعى بصرف معاشهم عن الأجرين الأساسى والمتغير دون حساب العلاوات الخاصة الأمر الذى دعاهم لإقامة دعواهم بطلباتهم المشار إليها وإذ دفعت الهيئة بعدم أحقيتهم استناداً لنص المادة الثانية من القانون رقم 30 لسنة 1992 ونص الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعى فقد طعنوا بعدم دستورية هذين النصين ، وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية أقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إنه فيما يتعلق بالطعن بعدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى فإن مصلحة المدعين وفقاً لطلباتهم أمام محكمة الموضوع تتحقق فى الطعن على البند (1) من هذه المادة فيما تضمنه من قصر إضافة الزيادة فى معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى ، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة ، وذلك باعتبار أن الفصل فى دستورية هذا النص محدداً نطاقاً على الوجه المتقدم سيكون له انعكاسه على دعواهم الموضوعية .
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى شأن البند المذكور وذلك بحكمها الصادر بجلسة 12/6/2005 فى القضية الدستورية رقم 33 لسنة 25 قضائية والذى قضى بعدم دستورية نص البند رقم (1) من المادة الثانية من القوانين أرقام 124 لسنة 1989 بزيادة المعاشات المعدل بالقانون رقم 175 لسنة 1993 بزيادة المعاشات ، ورقم 14 لسنة 1990 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، 14 لسنة 1991 بزيادة المعاشات ، 30 لسنة 1992 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى ، 175 لسنة 1993 بزيادة المعاشات ، 204 لسنة 1994 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى ، 24 لسنة 1995 بزيادة المعاشات ، 86 لسنة 1996 بزيادة المعاشات ، 83 لسنة 1997 بزيادة المعاشات و91 لسنة 1999 بزيادة المعاشات ، فيما تضمنه من قصر إضافة الزيادة فى معاش الأجر المتغير على حالات استحقاق المعاش لبلوغ سن الشيخوخة أو العجز أو الوفاة المنصوص عليها فى المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، دون حالة استحقاق المعاش بسبب انتهاء خدمة المؤمن عليه بالاستقالة .
وحيث إن مقتضى نص المادتين ( 48 ، 49 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضائها فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها ، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد ، فإنه يتعين الحكم بانتهاء الخصومة فى هذا الشق من الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 بعد أن تناولت فى فقرتها الأولى حكم تخفيض المعاش عن الأجر الأساسى فى الحالة المحددة بها نصت فى فقرتها الثانية محل الطعن الماثل على أن " ويخفض المعاش المستحق عن الأجر المتغير بنسبة 5% عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين مع مراعاة جبر كسر السنة فى هذه المدة إلى سنة كاملة " .
وينعى المدعون على النص المذكور تقويضه نظام التأمين الاجتماعى الذى تتكفل الدولة بمقتضاه تهيئة أفضل الظروف التى تفى باحتياجات من تقرر لمصلحتهم والارتقاء بمعيشتهم ، ومخالفته مبدأ المساواة بتمييزه فى الحقوق التأمينية بين من انتهت خدمته بالمعاش المبكر ، ومن انتهت خدمته ببلوغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش رغم وفاء كل من أفراد الطائفتين بالتزاماته التأمينية وتساويهم بالتالى فى المركز القانونى ، واعتدائه على حقوقهم الشخصية التى سعى الدستور إلى صونها الأمر الذى يشكل إخلالاً بأحكام المواد ( 17 ، 34 و40 ) من الدستور .
وحيث إن هذا النعى سديد فى مجمله ، ذلك أن الدستور قد حرص فى المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعى حين ناط بالدولة مد خدماتها فى هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم فى الحدود التى يبينها القانون ، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعى التى تكفل بمداها واقعاً أفضل يؤمن المواطن فى غده ، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع وفقاً لنص المادة (7) من الدستور ، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية ، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها فى مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم ، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم ، بما مؤداه أن التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق يكون مجافياً أحكام الدستور منافياً لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها .
وحيث إن الأصل فى المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون فإنه ينهض التزاماً على الجهة التى تقرر عليها مترتباً فى ذمتها بقوة القانون ، بحيث إذا توافرت فى المؤمن عليه الشروط التى تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانونى بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية ، ولا يجوز من بعد التعديل فى العناصر التى قام عليها أو الانتقاص منه .
وحيث إن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التى عددتها المادة (18) من القانون المذكور ومن بينها المعاش المبكر ليفيد المؤمن عليه الذى يخضع لأحكام هذا القانون من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر المؤمن منه ، إلا أن النص المطعون عليه انتقص من هذه المزايا والمتعلقة بالمعاش المستحق عن الأجر المتغير نسبة 5% عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق صرف هذا المعاش حتى بلوغ سن الستين بما مؤداه انتقاص قيمة المعاش المستحق والذى توافر أصل استحقاقه وفقاً للقانون الأمر الذى يتعارض مع كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعى الواجبة وفقاً للمادة (17) من الدستور .
وحيث إن من المقرر أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها ، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التى كفلها الدستور أو القانون ، وذلك بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة بين المؤهلين للانتفاع بها ، كما أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون ، المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور والذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها ، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساساً للعدل والسلام الاجتماعى ، غايته صون الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها ، باعتباره وسيلة لتبرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة ، وقيداً على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق والتى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون فإن خرج المشرع على ذلك سقط فى حمأة المخالفة الدستورية .
لما كان ما تقدم ، فإن النص المطعون عليه فيما قرره من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر المتغير على النحو السالف ذكره لمن تنتهى خدمتهم بالاستقالة ( المعاش المبكر ) يكون منطوياً على تمييز تحكمى بين هذه الفئة وبين غيرهم من المؤمن عليهم والتى تنتهى خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة ، وكان هذا التمييز غير مستند إلى أسس موضوعية يقوم عليها ، ذلك أن الخطر المؤمن ضده متوافر فى شأن أفراد الفئتين وجميعهم مؤمن عليهم قاموا بسداد اشتراكات التأمين عن الأجر المتغير وخلال المدد المقررة بما يتوافر معه أصل استحقاق المعاش لكل منهم ومن ثم يكون النص المذكور معارضاً لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون .
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الحماية التى أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان عليها وفقاً لنص المادة (34) منه ، تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها ، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصياً أم عينياً أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية ، لما كان ذلك ، وكان الحق فى صرف معاش الأجر المتغير إذا توافرت شروط استحقاقه ينهض التزاماً على الجهة التى تقرر عليها ، وعنصراً إيجابياً من عناصر ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه ، تتحدد قيمته وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعى بما لا يتعارض مع أحكام الدستور ، فإن النص المطعون عليه وقد ترتب عليه انتقاص المعاش المستحق لمن انتهت خدمتهم بالاستقالة ( المعاش المبكر ) رغم توافر شروط استحقاقهم وفقاً لمدة اشتراكهم وقيمة أقساط التأمين المقررة عن هذه المدة فإنه يشكل عدواناً على حق الملكية المصون دستورياً .
وحيث إنه فى ضوء ما تقدم يكون النص المطعون عليه مخالفاً لأحكام المواد ( 7 ، 34 ، 40 ) من الدستور بما يستلزم القضاء بعدم دستوريته .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :
أولاً : باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للطعن على نص البند (1) من المادة الثانية من القانون رقم 30 لسنة 1992 الخاص بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين الاجتماعى .
ثانياً : بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه .